فالغاية المطلوبة من نصب الحدود لا تحصل إلّا بحافظ الشرع المقيم ، وذلك هو الإمام. فالإمام أدخل في الغاية وهو العلّة القريبة لحصولها ، فكان أهمّ.
وكونه غير معصوم مؤدّ إلى عدم الوثوق بحصول الغاية منه ، بل يجوز أن يحصل منه ضدّها ، فيناقض الغرض من نصب الحدود ، فكانت عصمته أهم ؛ لمنافاتها نقيض الغاية منه ، ومع تمكّنه وطاعة المكلّف [له] (١) يجب حصول الغاية.
وفي [الحقيقة العلّة] (٢) المحصّلة للغاية [هي] (٣) العصمة.
وأمّا المقدّمة الثانية ، فلما ثبت في علم الكلام من وجوب نصب الحدود ، وهو المطلوب.
الثاني والستّون : قوله تعالى : (وَجاءَ مِنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعى قالَ يا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ* اتَّبِعُوا مَنْ لا يَسْئَلُكُمْ أَجْراً وَهُمْ مُهْتَدُونَ) (٤).
هذه الآية تدلّ على وجوب عصمة النبيّ والإمام عليهماالسلام ، وتقريرها أن نقول :
علّة وجوب الاتّباع عدم سؤال الأجر وكون المتّبع مهديّا ، وإنّما يجب الاتّباع حالة الاهتداء ؛ لأنّ الواو للحال ، وإنّما يعلم كونه مهديّا بالعصمة ؛ لأنّها الضابط الكلّي في السلامة عن الضلال.
والإمام متّبع فيجب عصمته.
الثالث والستّون : الإمام هاد بالضرورة ، ولا شيء من الهادي بغاو بالضرورة
__________________
(١) في «أ» و «ب» : (لم) ، وما أثبتناه للسياق.
(٢) في «أ» : (العلّة الحقيقة) ، وما أثبتناه من «ب».
(٣) من «ب».
(٤) يس : ٢٠ ـ ٢١.