أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ* لا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ) (١) ، ولا شكّ أنّه لا حصر في الترديد بين الكافرين وبين المعصومين ، فلا يلزم أن يكون الإمام من أحدهما ، وإنّما يلزم ذلك لو كان الترديد حاصرا ، وهو ممنوع.
لأنّا نقول :
الجواب عن الأوّل : أنّ الحكم المعلّق على صفة أين وجدت الصفة وجد ، وهذا معلّق على صفة فأين وجدت وجد ، ولا يشترط فيه [الاجتماع] (٢) والافتراق.
وعن الثاني : أنّ الوصف إذا لم يكن في ذكره فائدة إلّا التعليل وجب التعليل به ، وهو هنا كذلك ، وإلّا لخلا عن الفائدة ، هذا خلف.
وعن الثالث : أنّ [مع وجود] (٣) الموضوع وقبوله يبقى التقابل بين العدم والملكة مساويا للتقابل بين النقيضين في هذه الصورة.
وعن الرابع : أنّ المراد هنا الكلّية بالإجماع.
وعن الخامس : أنّه تعالى ذكر حكم الفريقين معلّقا بوصفين عامّين ، وهما يقتسمان النقيضين ، فدلّ على الحصر.
بيان ذلك : أنّه تعالى قال : (مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالْأَعْمى وَالْأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيانِ مَثَلاً أَفَلا تَذَكَّرُونَ) (٤) ، والأعمى هو الضالّ ، وهو يصدق بآحاد الذنوب ، [والأصمّ بالنسبة إلى بعض الذنوب] (٥) صادق في الجملة أيضا في تلك ؛ لأنّها مطلقة عامّة. والبصير يقابله ، [و] (٦) هو الذي لا يعرض له عمى الضلال (٧) ، فهو يقابله. ولوجود الموضوع وقبوله الملكة يقتسمان (٨) النقيضين في تلك الحال.
__________________
(١) هود : ١٨ ـ ٢٢.
(٢) في «أ» : (الإجماع) ، وما أثبتناه من «ب».
(٣) في «أ» : (وجود منع) ، وما أثبتناه من «ب».
(٤) هود : ٢٤.
(٥) من «ب».
(٦) زيادة اقتضاها السياق.
(٧) في «ب» : (الإضلال).
(٨) في «أ» زيادة : (الملكة) بعد : (يقتسمان) ، وما أثبتناه موافق لما في «ب».