وبأنّ قوله تعالى : (وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ) بعد قوله تعالى : (وَإِذْ قالُوا اللهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ) (١) ، فمنّ الله على نبيّه بنفي تعذيبهم بما ذكر ، وحيث هو عليهالسلام في البلد الذي هم فيه ؛ لأنّ الله تعالى لمّا كان ينزل العذاب على الأمم السالفة كان يأمر من كان بينهم من الأنبياء بالخروج من ذلك البلد ، أو [إيجاده] (٢) آلة تحويها كالسفينة. فإكراما لمحمّد عليهالسلام لم ينزّل عليهم. فالضمير في قوله : (وَأَنْتَ فِيهِمْ) عائد إلى الكفّار الذي تقدّم قولهم : (فَأَمْطِرْ عَلَيْنا).
والجواب عن الأوّل : مسلّم أنّها شخصية ، ولم نقس على النبيّ (٣) الإمام ، بل على النبيّ لمّا اتّحدت الغاية في بعثة النبيّ عليهالسلام مع الغاية للإمام في معظم أجزائها وعموم نفع ذلك في الأزمان ، بل لا يتمّ غاية البعثة إلّا بنصب الإمام.
وكانت الغاية المقصودة من النبيّ والإمام ـ وهي المشتركة [بينهما] (٤) ـ لا تتمّ إلّا بالعصمة ، فكلّ من حصلت تلك الغاية منه وجبت فيه العصمة ، وشاركه فيما ذكرنا من التكريم والتعظيم والإقامة (٥) مقامه.
ومنه يظهر الجواب عن الثاني ، فإنّ [نفي] (٦) التعذيب مع وجوده عليهالسلام فيهم ؛ إمّا [إظهارا لكرامته] (٧) بحيث ينقاد الخلق لطاعته ، أو [لامتثال] (٨) أوامره ونواهيه كما
__________________
(١) الأنفال : ٣٢.
(٢) في «أ» و «ب» : (الحالة) ، وما أثبتناه للسياق.
(٣) في «أ» زيادة : (و) بعد : (النبي) ، وما أثبتناه موافق لما في «ب».
(٤) من «ب».
(٥) في «أ» زيادة : (منه) بعد : (الإقامة) ، وما أثبتناه موافق لما في «ب».
(٦) في «أ» : (من) ، وما أثبتناه من «ب».
(٧) في «أ» و «ب» : (إظهار الكرامة) ، وما أثبتناه للسياق.
(٨) في «ب» : (لأجل امتثال) ، بدل : (الامتثال).