الثاني : أنّا لا نعني بوجوب العصمة الوجوب الذاتي ، بل الوجوب بالغير ، والعصمة من الأعراض الممكنة ، وقد ثبت في علم الكلام (١) أنّ الممكن لا يوجد إلّا بعد وجود سببه ، وإلّا لزم الترجيح من غير مرجّح ، وهو محال بالضرورة.
وإذا دلّ الدليل على عصمة الإمام دائما ثبت وجود سببها دائما ، وهو يستلزم وجوب [المسبّب] (٢) دائما ، وهو المطلوب.
الرابع والسبعون : وقوع الخطأ من الإمام مستلزم للمحال ، وكلّ ما استلزم المحال فهو محال ، فوقوع الخطأ من الإمام محال.
أمّا الصغرى ؛ فلأنّه قد ثبت بهذه الآية الكريمة (٣) النهي عن اتّباع من يقع منه الخطأ فيه ، [وثبت [بقوله] (٤) تعالى : (وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) (٥) وجوب اتّباع الإمام دائما ، فلو وقع منه الخطأ في] (٦) الجملة لزم اجتماع النقيضين ؛ لأنّه يلزم كون الشيء الواحد في [الوقت الواحد [عند] (٧)] (٨) المكلّف الواحد مأمورا به ومنهيا عنه.
فدلّ هذا الدليل على وجوب العصمة بأي وجوب كان ، وهو مطلوبنا.
الخامس والسبعون : قوله تعالى : (يس* وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ* إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ* عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ* تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ) (٩).
تقرير الاستدلال به أن نقول : الطريق الذي يدعو النبيّ عليهالسلام [إليه] (١٠) طريق
__________________
(١) قواعد المرام في علم الكلام : ٤٨. الباب الحادي عشر : ٦ ـ ٧. المحصّل : ١٩٣ ـ ١٩٤.
(٢) في «أ» : (السبب) ، وما أثبتناه من «ب».
(٣) (وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ) (البقرة : ١٦٨) ، المتقدّمة في الدليل السابق.
(٤) في «ب» : (لقوله) ، وما أثبتناه للسياق.
(٥) النساء : ٥٩.
(٦) من «ب».
(٧) في «ب» : (عن) ، وما أثبتناه للسياق.
(٨) من «ب».
(٩) يس : ١ ـ ٥.
(١٠) من «ب».