وإنّما يكون من البيّنات إذا كان معصوما ، فإنّ غير المعصوم لا يفيد قوله العلم ، [فلا يكون] (١) من البيّنات.
العاشر : لا شكّ أنّ المفسدة الناشئة من جواز خطأ حالة (٢) الناس ـ الرعية ـ أمر جزئي يتعلّق بنفسه ، وقد يتعدّى إلى بعض الناس. وأمّا المفسدة الحاصلة من خطأ الإمام في الأحكام والأفعال فساد كلّي ؛ [لأنّه] (٣) إنّما نصّب الإمام لقوانين كلّية. فاستدراك المفسدة الجزئية بإمام وإهمال المفسدة الكلّية ممّا لا يناسب حكمة الحكيم جلّ جلاله (٤).
فلو كان الإمام غير معصوم لزم أن يكون له إمام آخر وينتهي إلى المعصوم ، وهو المراد. أو لا ينتهي ، ويتسلسل ، هذا خلف.
الحادي عشر : رأفة الله تعالى ورحمته عامّة للعباد ؛ لقوله تعالى : (وَاللهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ) (٥) ، واتّفق المسلمون على عمومه ، والعقل الصريح والحدس الصحيح يشهدان بذلك.
وقوله تعالى : (فَبَعَثَ اللهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ بَغْياً بَيْنَهُمْ) (٦).
وجه الاستدلال أن نقول : الله تعالى منّ على العالمين برأفته ورحمته ببعث النبيّين بالكتاب ، وعلّة البعثة الفاعلية اختلاف الناس في التأويل في الأحكام ،
__________________
(١) في «أ» : (فيكون) ، وما أثبتناه من «ب».
(٢) كذا في «أ» و «ب».
(٣) في «أ» : (فإنّه) ، وما أثبتناه من «ب».
(٤) في «ب» : (وعلا) بدل : (جلاله).
(٥) البقرة : ٢٠٧.
(٦) البقرة : ٢١٣.