والغاية هو حصول الحقّ و [إزهاق] (١) الباطل ، والحاكم ليس الكتاب ، بل الرسول صلىاللهعليهوآله ؛ لقوله : (وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ).
فإذا كان الاختلاف في نفس الكتاب وتأويله كان الحاكم هو الرسول ، [فعلم] (٢) من ذلك أنّ من أنعم (٣) الله تعالى وأعظمها إرسال الرسول لينذر ويبلّغ إلى الناس ما أوحى الله من الكتاب ، ثمّ يحكم بينهم بعد اختلافهم في تأويله.
وبعد النبيّ الاختلاف في التأويل أعظم ، فإن لم يكن من يقوم [مقام] (٤) النبيّ في كون قوله حجّة ، وفي وجوب اتّباعه وفي طريقته وفي علمه وإفادة [قوله اليقين] (٥) ، لزم حصول العلّة [الفاعلية] (٦) والغائية بدون الشيء مع القدرة والداعي ـ وهو الرأفة بالعباد ـ مع [عدم] (٧) المعلول ، وهو محال.
فلا بدّ من شخص بعد النبيّ يكون حاله ما ذكرنا ، وهذه الخصال المذكورة لا تحصل إلّا بالمعصوم ، فوجب القول بعصمة الإمام.
الثاني عشر : قوله تعالى : (وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ بَغْياً بَيْنَهُمْ) (٨).
وجه الاستدلال : أنّ قوله تعالى : (وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ) يدلّ على أنّ الاختلاف في التأويل لا التنزيل. وقوله : (مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ) ليس
__________________
(١) في «أ» : (إزقاق) ، وما أثبتناه من «ب».
(٢) في «أ» : (فعله) ، وما أثبتناه من «ب».
(٣) في «ب» : (نعم) بدل : (أنعم).
(٤) في «أ» : (مقامه) ، وما أثبتناه من «ب».
(٥) في «أ» : (قول النبيين) ، وما أثبتناه من «ب».
(٦) من «ب».
(٧) في «أ» : (عدمهم) ، وما أثبتناه من «ب».
(٨) البقرة : ٢١٣.