فالإمام إمّا أن يكون من القسم الأوّل ـ أعني المتّقين ـ أو من غيرهم.
والثاني محال ؛ لأنّ الإمام تجب طاعته كطاعة الرسول ؛ لقوله تعالى : (أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) (١) ، ومحال من الحكيم أن يأمر القسم الأوّل باتّباع وطاعة من هو من القسم الثاني. ولأنّ الإمام [ذكره] (٢) الله تعالى ثالث الله والرسول ، فيكون من القسم الأوّل ، وهو من هذا القسم الثاني ، و [هذا] (٣) محال من الحكيم. و [من] (٤) قال بغير ذلك فهو لا يعرف حكمة الله تعالى.
اعترض فخر الدين الرازي على هذا الدليل بوجوه (٥) :
الأوّل : كون الشيء هدى ودليلا لا يختلف [لشخص دون شخص] (٦) ، فكيف جعل القرآن هدى للمتّقين فقط؟
وأيضا : فالمتّقي مهتد ، والمهتدي لا يهدى ثانيا.
الثاني : القرآن فيه مجمل ومتشابه وظاهر ، فكيف جعلتم كونه هدى للمتّقين ، بمعنى كون دلالته يقينية لا [يحوم] (٧) الشكّ حولها؟ خصوصا على [قول] (٨) من جعل الدلائل اللفظية لا تفيد اليقين (٩).
__________________
(١) النساء : ٥٩.
(٢) في «أ» : (ذكر) ، وما أثبتناه من «ب».
(٣) في «أ» : (هو) ، وما أثبتناه من «ب».
(٤) من «ب».
(٥) التفسير الكبير ٢ : ٢١ ـ ٢٢ بتفاوت يسير.
(٦) في «أ» : (لشيء دون شيء) ، وما أثبتناه من «ب» والمصدر.
(٧) في «أ» : (يحرم) ، وما أثبتناه من «ب».
(٨) في «أ» : (جعل) ، وما أثبتناه من «ب».
(٩) تلخيص المحصل : ٦٧. قواعد المرام في علم الكلام : ٣٦. المحصول في علم أصول الفقه ١ : ٣٩٠ وما بعدها. كتاب المحصّل : ١٤٣.