فوصف الله تعالى كتابه العزيز بأنّ دلالته جازمة مطابقة ثابتة ، [فتكون يقينية] (١).
أمّا الأولى ؛ فلقوله تعالى : (لا رَيْبَ فِيهِ) (٢) ، نكرة في معرض نفي ، فيعمّ (٣).
وأمّا الثانية ، فلقوله تعالى : (لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ) (٤).
وأمّا الثالثة ؛ فلقوله تعالى : (لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ) أيضا ، ولأنّه : (هُدىً لِلْمُتَّقِينَ) (٥).
فتخصيصهم بهذا يدلّ على الثبات وعدم قبوله التزلزل.
الرابع : فعل الطاعات الواجبة التي أمر الله تعالى [بها وترك جميع المعاصي التي نهى الله تعالى عنها ، وأشار إليه تعالى] (٦) بقوله : (اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقاتِهِ) (٧).
إذا تقرّر ذلك فنقول : هدى غير المتّقين وقوع اعتقادهم على الوجه الصواب سواء كان ظنّا أو تقليدا أو يقينا ، ووقوع أقوالهم مطابقة في نفس الأمر ، ووقوع أفعالهم على الوجه الصواب ، فأعلى مراتب هذا القسم بعد قسم المتّقين من حصل له ذلك في كلّ الاعتقادات والأقوال والأفعال ، ثمّ يتلوه من حصل له في الأكثر ، ومراتبه لا تنحصر.
فالقسم الأوّل ـ وهم المتّقون ـ هم المعصومون ؛ لأنّا لا نعني بالعصمة إلّا ذلك ، وغيرهم يرجع إليهم ويهدى بهم.
__________________
(١) من «ب».
(٢) البقرة : ٢.
(٣) العدّة في أصول الفقه ١ : ٢٧٥. مبادئ الوصول إلى علم الأصول : ١٢٢. المعتمد في أصول الفقه ١ : ١٩٢. اللمع في أصول الفقه : ٢٧.
(٤) فصّلت : ٤٢.
(٥) البقرة : ٢.
(٦) من «ب».
(٧) آل عمران : ١٠٢.