واعلم أنّ بعض الفضلاء (١) فسّر الهدى بالدلالة الموصلة إلى المقصود ، فهو للمتّقين بالفعل ، ولغيرهم بالقوّة ، فسمّاه في غيرهم هدى تسمية للشيء بما يمكن أن يؤول إليه.
وعن الثاني : أنّ المتشابه والإجمال إنّما هو [لاحتمال] (٢) النقيض ، وهو من عدم العلم اليقيني ، فأمّا من علم يقينا جزما بمراد الله تعالى من هذا اللفظ ـ وهم المعصومون الذين هم المتّقون بالحقيقة ، وغيرهم بالمجاز ـ فإنّهم يعلمون دلالة اللفظ يقينا ومراد الله تعالى منه ، فلا يكون مجملا ومتشابها بالنسبة إليهم.
وأنا أقول : إنّ ذلك المجمل والمتشابه لا ينفكّ عن دليل يدلّ على ما هو المراد على اليقين ، [وهو إمّا] (٣) دلالة العقل أو السمع ، فصار كلّه هدى.
وإنّما قلنا : إنّه لا ينفكّ ؛ لأنّ الله تعالى قصد بخطابنا الإفهام ، وإلّا لكان نقضا ، وهو على الحكيم محال. فإمّا أن يجعل على (٤) المراد [من المجمل دليلا عقليا أو نقليا أو يلهم الله تعالى المراد] (٥) ، أو لا.
فإن كان الثاني كان مكلّفا بالمحال ونقضا للغرض.
فتعيّن الأوّل ، وهو المطلوب.
وعدم ظفر بعض [العلماء] (٦) به لا يدلّ على العدم في نفس الأمر.
وعن الثالث : يكفي في الهدى كونه هدى في بعض المطالب والقرآن في تعريفه الشرائع وتأكيدها في العقول.
__________________
(١) وهو أبو القاسم محمود بن عمر الزمخشري. انظر : الكشّاف ١ : ٢٠.
(٢) في «أ» : (الاحتمال) ، وما أثبتناه من «ب».
(٣) في «أ» : (هو وأمّا) ، وما أثبتناه من «ب».
(٤) في «أ» و «ب» زيادة : (أمر) بعد : (على) ، وما أثبتناه للسياق.
(٥) من «ب».
(٦) في «أ» : (العقلاء) ، وما أثبتناه من «ب».