وأمّا أهل الحديث فذكروا [وجهين] (١) :
الأوّل (٢) : أنّ المعرفة إيمان كامل ، وهو الأصل ، ثمّ بعد ذلك كلّ طاعة إيمان على حدة ، وهذه الطاعات لا يكون شيء منها إيمانا إلّا إذا كانت مترتّبة على الأصل الذي هو المعرفة. وزعموا أنّ الجحود و [إنكار] (٣) القلب كفر ، ثمّ كلّ معصية بعده [كفر] (٤) على حدة ، ولم يجعلوا شيئا من الطاعات إيمانا ما لم توجد المعرفة [والإقرار ، ولا جعلوا شيئا من المعاصي كفرا ما لم يوجد] (٥) الجحود والإنكار ؛ لأنّ الفرع لا يحصل بدون أصله. وهو قول عبد الله بن سعيد بن كلّاب (٦).
الثاني (٧) : زعموا أنّ الإيمان اسم للطاعات كلّها ، وهو إيمان واحد ، وجعلوا الفرائض والنوافل كلّها من جملة الإيمان ، ومن ترك شيئا من الفرائض فقد انتقض إيمانه ، [ومن ترك النوافل لم ينتقض إيمانه] (٨).
ومنهم من قال : الإيمان اسم للفرائض دون النوافل (٩).
الفرقة الثانية : الذين قالوا : الإيمان بالقلب واللسان معا.
__________________
(١) في «أ» : (جهتين) ، وما أثبتناه من «ب».
(٢) التفسير الكبير ٢ : ٢٤.
(٣) في «أ» : (ارتكاب) ، وما أثبتناه من «ب».
(٤) في «أ» : (فيكون) ، وما أثبتناه من «ب».
(٥) من «ب».
(٦) هو أبو محمّد القطّان ، متكلّم من العلماء ، يقال له : ابن كلّاب ، ولقّب بكلّاب ؛ لأنّه كان يجتذب الناس إلى معتقده كما يجتذب الكلّاب الشيء. له مصنّفات منها : (الصفات) و (خلق الأفعال) و (الرد على المعتزلة). توفّي سنة ٢٤٥ ه. فهرست النديم : ٢٣٠. موسوعة الفرق الإسلامية : ٤٢٧. الأعلام ٤ : ٩٠.
(٧) انظر : التفسير الكبير ٢ : ٢٤.
(٨) من «ب».
(٩) انظر : التفسير الكبير ٢ : ٢٤.