(ما تَكْسِبُونَ) من خير أو شرّ. ولعلّه أريد بالسرّ والجهر ما يخفى وما يظهر من أحوال الأنفس ، وبالمكتسب أحوال الجوارح. (١)
[٤] (وَما تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آياتِ رَبِّهِمْ إِلاَّ كانُوا عَنْها مُعْرِضِينَ)
(مِنْ آيَةٍ مِنْ آياتِ). ومن الأولى مزيدة للاستغراق ، والثانية للتبعيض. أى : ما يظهر لهم دليل قطّ من الأدلّة ، أو معجزة من المعجزات ، أو آية من آيات القرآن. (مُعْرِضِينَ) ؛ أى : تاركين للنظر فيه غير ملتفتين إليه. (٢)
[٥] (فَقَدْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جاءَهُمْ فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ أَنْباءُ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ)
(كَذَّبُوا بِالْحَقِّ) ؛ يعنى : القرآن. وهو كالدليل على ما قبله على معنى : انّهم لمّا أعرضوا عن القرآن وكذّبوا به ـ وهو أعظم الآيات ـ فكيف لا يعرضون عن غيره؟ ولذلك رتّب عليه بالفاء. (أَنْباءُ ما كانُوا) ؛ أي : سيظهر لهم ما كانوا به يستهزئون عند نزول العذاب بهم في الدنيا والآخرة ، أو عند ظهور الإسلام وارتفاع أمره. (٣)
(أَنْباءُ ما كانُوا) ؛ أي : يظهر لهم عند نزول العذاب بهم أنّ القرآن ما كان موضع استهزاء. (٤)
[٦] (أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ ما لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّماءَ عَلَيْهِمْ مِدْراراً وَجَعَلْنَا الْأَنْهارَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْناهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَنْشَأْنا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ)
(مِنْ قَرْنٍ) ؛ أي : من أهل زمان. والقرن مدّة أغلب أعمار الناس وهي سبعون سنة. وقيل : ثمانون. وقيل : القرن أهل عصر فيه نبيّ أو فائق في العلم ، قلّت المدّة أو كثرت. و
__________________
(١) تفسير البيضاويّ ١ / ٢٩٣.
(٢) تفسير البيضاويّ ١ / ٢٩٣.
(٣) تفسير البيضاويّ ١ / ٢٩٣.
(٤) الكشّاف ٢ / ٦.