[٨] (وَقالُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنْزَلْنا مَلَكاً لَقُضِيَ الْأَمْرُ ثُمَّ لا يُنْظَرُونَ)
(وَقالُوا لَوْ لا أُنْزِلَ). عن العسكريّ عليهالسلام قال : إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله كان يوما قاعدا بفناء الكعبة ، إذ قال له ابن أبي أميّة المخزوميّ : يا محمّد ، لقد ادّعيت أمرا هائلا وزعمت أنّك رسول الله ربّ العالمين. وما ينبغي أن يكون مثلك رسوله بشرا مثلنا. ولو كنت نبيّا ، لكان معك ملك يصدّقك ونشاهده. بل لو أراد الله أن يبعث إلينا رسولا نبيّا ، لكان ملكا لا بشرا مثلنا. ما أنت إلّا مسحورا. فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : اللهمّ أنت السامع لكلّ صوت. فأنزل عليه : (وَقالُوا لَوْ لا أُنْزِلَ) ـ الآية. فقال صلىاللهعليهوآله : أمّا قولك : لو كنت نبيّا ، لكان معك ملك يصدّقك أو لأرسل الله ملكا ، فالملك لا تشاهده هذه الأعيان. ولو شاهدتموه بأن يزاد في قوّة أبصاركم لقلتم : ليس هذا ملكا بل بشرا. لأنّه إنّما كان يظهر لكم بصورة البشر الذي ألفتموه لتفهموا مقالته. فكيف كنتم تعلمون صدق الملك وأنّ ما يقوله حقّ ـ الحديث. (١)
(لَقُضِيَ الْأَمْرُ) ؛ أي : أمر هلاكهم. (ثُمَّ لا يُنْظَرُونَ) بعد نزوله طرفة عين. إمّا لأنّهم إذا عاينوا الملك قد نزل على رسول الله صلىاللهعليهوآله في صورة ـ وهي آية لا شيء أبين منها ـ ثمّ لا يؤمنون ، لم يكن بدّ من إهلاكهم ، كما أهلك أصحاب المائدة. وإمّا لأنّه يزول الاختيار الذي هو قاعدة التكليف عند نزول الملك ، فيجب إهلاكهم. وإمّا لأنّهم إذا شاهدوا ملكا في صورته ، زهقت أرواحهم من هول ما يشاهدون. ومعنى ثمّ بعد ما بين الأمرين ؛ قضاء الأمر وعدم الإنظار. وجعل عدم الإنظار أشدّ من قضاء الأمر ، لأنّ مفاجأة الشدّة أشدّ من نفس الشدّة. (٢)
(الْأَمْرُ). قيل : معناه : لقامت الساعة. (٣)
(لَقُضِيَ الْأَمْرُ). جواب لقولهم وبيان لما هو المانع ممّا اقترحوه والخلل فيه. (لا يُنْظَرُونَ) بعد نزوله طرفة عين. (٤)
__________________
(١) الاحتجاج ١ / ٢٦ ـ ٣٠.
(٢) الكشّاف ٢ / ٧.
(٣) مجمع البيان ٤ / ٤٢٩.
(٤) تفسير البيضاويّ ١ / ٢٩٤.