والحساب بمسير الشمس والقمر ويهتدون بالنجوم. كأنّه قيل : وينفعكم بها في حال كونها مسخّرات لما خلقهنّ له بأمره. ويجوز أن يكون المعنى أنّه سخّرها أنواعا من التسخير. كأنّه قيل : وسخّرها لكم تسخيرات بأمره. (١)
(مُسَخَّراتٌ). حال من الجميع. أي : نفعكم بها حال كونها مسخّرات لله خلقها الله ودبّرها كيف شاء. أي : لمّا خلقهنّ له بإيجاده وتقديره أو بحكمه. وعلى تقدير قراءة حفص : (وَالنُّجُومُ مُسَخَّراتٌ) بالابتداء والخبر [يكون] تعميما للحكم بعد تخصيصه. (٢)
[١٣] (وَما ذَرَأَ لَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُخْتَلِفاً أَلْوانُهُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ (١٣))
(وَما ذَرَأَ) ؛ أي : سخّر لكم ما خلقه لكم في الأرض لقوام أبدانكم من المطاعم والملابس والمناكح وسائر النعم. (مُخْتَلِفاً أَلْوانُهُ) لا يشبه بعضه بعضا. (يَذَّكَّرُونَ) ؛ أي :
يتذّكرون الأدلّة فينظرون فيها ويعتبرون بها. (٣)
[١٤] (وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْماً طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَها وَتَرَى الْفُلْكَ مَواخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (١٤))
(سَخَّرَ الْبَحْرَ) ؛ أي : جعله بحيث تتمكّنون من الانتفاع به بالركوب والاصطياد والغوص. (طَرِيًّا). هو السمك. (حِلْيَةً). كاللّؤلؤ والمرجان. (تَلْبَسُونَها) ؛ أي : تلبسها نساؤكم. فأسندها إليهم لأنّهنّ من جملتهم ولأنّهنّ يتزيّنّ بها لأجلهم. (مَواخِرَ فِيهِ) : [جواري فيه تشقّه بحيزومها. من المخر وهو شقّ الماء ، وقيل :] صوت جري الفلك فيه. (٤)
(مَواخِرَ). المخر : شقّ الماء عن يمين وشمال. يقال : مخرت السفينة الماء مخرا فهي ماخرة. والمخر أيضا : صوت هبوب الريح إذا اشتدّ هبوبها. أي : وترى ـ أيّها الإنسان ـ السفن شقّاقة في البحر وقواطع لمائه. وقيل : جواري. (وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ) ؛ أي : ولتركبوه للتجارة وتطلبوا
__________________
(١) الكشّاف ٢ / ٥٩٧.
(٢) تفسير البيضاويّ ١ / ٥٣٩.
(٣) مجمع البيان ٦ / ٥٤٣.
(٤) تفسير البيضاويّ ١ / ٥٤٠.