بها. فيكون كقوله : (وَما خَلَقْتُ) ـ الآية. (١) وهو كما يقول القائل لرسوله : بعثت على هذا ولهذا وبهذا ، والمعنى واحد. ومنه قوله صلىاللهعليهوآله : كلّ مولود يولد ـ الحديث. وقيل : معناه : اتّبع من الدين ما دلّك عليه فطرة الله وهو ابتداء خلقه للأشياء ، لأنّه خلقهم وركّبهم على وجه يدلّ على أنّ لهم صانعا لا يشبهه شيء. (لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ) ؛ أي : لا تغيير لدين الله الذي أمر الناس بالثبات عليه في التوحيد والعدل والإخلاص في العبادة. وهو بمعنى النهي. أي : لا تبدّلوا دين الله التي أمرتم بالثبات عليها. وقيل : المراد به النهي عن الخصاء. عن ابن عبّاس. وقيل : معناه : لا تبديل لخلق الله فيما دلّ عليه ، بمعنى أنّه فطره الله على وجه يدلّ على صانع حكيم ولا يمكن أن يجعله خلقا لغير الله حتّى يبطل وجه الاستدلال. (٢)
(فِطْرَتَ اللهِ) ؛ أي : خلقته. نصب على الإغراء أو المصدر لما دلّ عليه ما بعدها. (فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها) : خلقهم عليها. وهي قبولهم للحقّ وتمكّنهم من إدراكه. أو : ملّة الإسلام. فإنّهم لو خلّوا وما خلقوا عليه ، أدّى بهم إليها. وقيل : العهد المأخوذ من آدم وذرّيّته. (ذلِكَ) إشارة إلى الدين المأمور بإقامة الوجه له ، أو الفطرة إن فسّرت بالملّة. (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) استقامته لعدم تدبّرهم. (٣)
[٣١] (مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (٣١))
(مُنِيبِينَ إِلَيْهِ). زعم النحويّون أنّ معناه : فأقيموا وجوهكم منيبين إليه ، لأنّ مخاطبة النبيّ صلىاللهعليهوآله تدخل معه [فيها] الأمّة. فقوله : (فَأَقِمْ وَجْهَكَ) معناه : فأقيموا وجوهكم منيبين إليه ؛ أي : راجعين إلى كلّ ما أمر به من التقوى وأداء الفرائض. (٤)
[٣٢] (مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكانُوا شِيَعاً كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (٣٢))
(مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ). بدل من المشركين. وتفريقهم اختلافهم فيما يعبدون على
__________________
(١) الذاريات (٥١) / ٥٦.
(٢) مجمع البيان ٨ / ٤٧٤ ـ ٤٧٥.
(٣) تفسير البيضاويّ ٢ / ٢٢٠.
(٤) مجمع البيان ٨ / ٤٧٥ ـ ٤٧٦.