للإشعار بأنّه المقصود بالذات والاكتفاء على فحوى [قوله :](إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْكافِرِينَ). فإنّ فيه إثبات البغض [لهم] والمحبّة للمؤمنين. و (مِنْ فَضْلِهِ) دالّ على أنّ الإثابة تفضّل محض. وتأويله بالعطاء والزيادة على الثواب ، عدول عن الظاهر. (١)
(مِنْ فَضْلِهِ) : ممّا يتفضّل عليهم بعد توفية الواجب من الثواب. (٢)
[٤٦] (وَمِنْ آياتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّياحَ مُبَشِّراتٍ وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٤٦))
(الرِّياحَ) : الشمال والصبا والجنوب. وقراءة حمزة : «الريح» على إرادة الجنس. (مِنْ رَحْمَتِهِ). يعني المنافع التابعة لها. وقيل : الخصب التابع لنزول المطر المسبّب عنها ، أو الروح الذي هو مع هبوبها. والعطف على علّة محذوفة دلّ عليها (مُبَشِّراتٍ) أو عليها باعتبار المعنى ، كأنّه قيل : ليبشّركم وليذيقكم. (٣)
(بِأَمْرِهِ). وإنمّا زاد بأمره لأنّ الريح قد تهبّ ولا تكون مؤاتية فلا بدّ من إرساء السفن والاحتيال لحبسها ، وربما عصفت فأغرقتها. (مِنْ فَضْلِهِ). يريد تجارة البحر. (تَشْكُرُونَ) ؛ أي : ولتشكروا نعمة الله فيها. (٤)
[٤٧] (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ رُسُلاً إِلى قَوْمِهِمْ فَجاؤُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَانْتَقَمْنا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا وَكانَ حَقًّا عَلَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ (٤٧))
(بِالْبَيِّناتِ) ؛ أي : المعجزات والآيات الباهرة. (وَكانَ حَقًّا عَلَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ) بإعلاء الحجّة ودفع الأعداء عنهم. وعنه صلىاللهعليهوآله : ما من امرئ مسلم يردّ عن عرض أخيه إلّا كان حقّا على الله أن يردّ عنه نار جهنّم يوم القيامة. ثمّ قرأ : (وَكانَ حَقًّا عَلَيْنا) ـ الآية. (٥)
__________________
(١) تفسير البيضاويّ ٢ / ٢٢٢.
(٢) الكشّاف ٣ / ٤٨٣.
(٣) تفسير البيضاويّ ٢ / ٢٢٢ ـ ٢٢٣ ، والكشّاف ٣ / ٤٨٤.
(٤) الكشّاف ٣ / ٤٨٤.
(٥) مجمع البيان ٨ / ٤٨٣ ـ ٤٨٤.