يا معاوية ، ما يقولون في هذا؟ قلت : يزعمون أنّ الله يعرف المجرمين بسيماهم في القيامة فيأمر بهم فيؤخذون بنواصيهم وأقدامهم فيلقون في النار. فقال لي : وكيف يحتاج تبارك وتعالى إلى معرفة [خلق] أنشأهم وهو خلقهم؟ فقلت : جعلت فداك ؛ وما ذلك؟ قال : لو قام قائمنا ، أعطاه الله السيماء فيأمر بالكافرين فيؤخذ بنواصيهم وأقدامهم ثمّ يخبط بالسيف. (١)
[٤٣ ـ ٤٥] (هذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ (٤٣) يَطُوفُونَ بَيْنَها وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ (٤٤) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٤٥))
عن الرضا عليهالسلام أنّه قيل له : إنّ قوما يقولون : إنّ الجنّة والنار اليوم مقدّرتان غير مخلوقتين. فقال عليهالسلام : لا هم منّا ولا نحن منهم. من أنكر خلق الجنّة والنار ، فقد كذّب النبيّ صلىاللهعليهوآله وكذّبنا وليس من ولايتنا في شيء ويخلّد في النار. قال الله : (هذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي) ـ الآية. (٢)
(حَمِيمٍ آنٍ) : ماء حارّ قد انتهى حرّه ونضجه. أي : يعاقب عليهم بين التصلية بالنار وبين شرب الحميم. وقيل : إذا استغاثوا من النار ، جعل غياثهم الحميم. وقيل : إنّ واديا من أودية جهنّم يجتمع فيه صديد أهل النار فينطلق بهم في الأغلال فيغمسون فيه حتّى تنخلع أوصالهم ثمّ يخرجون منها وقد أحدث الله لهم خلقا جديدا. (٣)
(فَبِأَيِّ) ـ الآية. الوجه في ذلك أنّ التذكير بفعل العقاب والإنذار به من أكبر النعم.
[لأنّ] في ذلك زجرا عمّا يستحقّ به العذاب وبعثا وحثّا على فعل ما يستحقّ به الثواب. (٤)
[٤٦ ـ ٤٧] (وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ (٤٦) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٤٧))
(مَقامَ رَبِّهِ) : توقّفه الذي يقف فيه. أو : مقامه بين يدي ربّه فترك المعصية والشهوة. وقال الصادق عليهالسلام : من علم أنّ الله يراه ويسمع ما يقول من خير وشرّ فيحجزه ذلك عن
__________________
(١) بصائر الدرجات / ٣٧٦ ، ح ٨.
(٢) عيون الأخبار ١ / ٩٤ ، ح ٣.
(٣) الكشّاف ٤ / ٤٥١.
(٤) مجمع البيان ٩ / ٣١٢.