(قَدَّرْنا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ) : قسمناه عليكم قسمة الرزق على اختلاف وتفاوت ـ كما تقتضيه مشيّتنا ـ فاختلف أعماركم من قصير وطويل ومتوسّط. (بِمَسْبُوقِينَ). سبقته على الشيء ، إذا غلبته عليه. فمعنى قوله : (وَما نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ عَلى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثالَكُمْ) : انّا قادرون على ذلك لا تغلبوننا عليه. [وأمثالكم جمع مثل.] أي : على أن نبدّل منكم أشباهكم من الخلق. (وَنُنْشِئَكُمْ فِي ما لا تَعْلَمُونَ) : وعلى إنشائكم في خلقة لا تعلمونها وما عهدتم بمثلها. يعني : انّا نقدر على الأمرين جميعا ؛ على خلق ما يماثلكم وما لا يماثلكم. فكيف نعجز عن إعادتكم؟ ويجوز أن يكون أمثالكم جمع مثل بالتحريك لا السكون. أي : على أن نغيّر ونبدّل طبقاتكم التي أنتم عليها في خلقكم وأخلاقكم وننشئكم في صفات لا تعلمونها. (١)
ابن كثير : (قَدَّرْنا) بالتخفيف. (بِمَسْبُوقِينَ) : لا يسبقنا أحد فيهرب من الموت أو يغيّر وقته. (عَلى أَنْ نُبَدِّلَ). حال أو علّة لقدرنا. وعلى بمعنى اللّام. (وَما نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ) اعتراض. (٢)
[٦٢] (وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولى فَلَوْ لا تَذَكَّرُونَ (٦٢))
(فَلَوْ لا تَذَكَّرُونَ) أنّ من قدر على النشأة الأولى قدر على النشأة الأخرى؟ فإنّها أقلّ صنعا لحصول الموادّ وتخصيص الأجزاء وسبق المثال. (٣)
[٦٣] (أَفَرَأَيْتُمْ ما تَحْرُثُونَ (٦٣))
(ما تَحْرُثُونَ) ؛ أي : تحرثونه من الطعام ؛ أي : تبذرون حبّه. (٤)
[٦٤] (أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ (٦٤))
(تَزْرَعُونَهُ) : تنبتونه نباتا إلى أن يبلغ الغاية. وعن رسول الله صلىاللهعليهوآله : لا يقولنّ أحدكم :
__________________
(١) الكشّاف ٤ / ٤٦٥.
(٢) تفسير البيضاويّ ٢ / ٤٦٢.
(٣) تفسير البيضاويّ ٢ / ٤٦٢.
(٤) الكشّاف ٤ / ٤٦٥.