فشا فيهم ؛ فلم يبق دار من دور الأنصار (١) إلّا فيها ذكر من رسول الله صلىاللهعليهوسلم.
حتّى إذا كان العام المقبل وافى رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى الموسم منهم اثنا عشر رجلا : أسعد بن زرارة ؛ وعوف ومعاذ ابنا عفراء (٢) ، وعقبة بن عامر (٣) ؛ وقطبة بن عامر ؛ ورافع بن مالك ؛ وذكوان بن عبد قيس ؛ وعبادة بن الصّامت (٤) ؛ ويزيد بن ثعلبة ؛ والعبّاس بن عبادة (٥) ، فهؤلاء الخزرجيّون ، وأبو الهيثم بن التّيهان ، وعويم (٦) ابن ساعدة من الأوس. فاجتمعوا برسول الله صلىاللهعليهوسلم بالعقبة الأولى ؛ فبايعوه على أن لا يشركوا بالله شيئا ، «قال :» فإن وفّيتم فلكم الجنّة. وكان ذلك قبل أن يفرض الجهاد ، فلمّا رجعوا إلى المدينة بعث معهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم مصعب بن عمير ابن هاشم ، وأمره (٧) أن يقرءهم القرآن ويعلّمهم الإسلام ويفقّههم في الدّين.
فكان مصعب يسمّى في المدينة (المقرئ) وكان نزوله في بيت أسعد بن زرارة ، فقال سعد بن معاذ لأسيد بن حضير : انطلق بنا إلى هذين الرّجلين اللّذين قد أتيا دارنا فسفّها ضعفاءنا وأخرجوهم ؛ فإنّ أسعد ابن خالتي ولو لا ذلك لكفيتك ، وكان سعد وأسيد بن حضير سيّدا قومهما من بني عبد الأشهل وكلاهما مشركان.
__________________
(١) في المخطوط : (فلم يبق دار من دورهم أن تعبد الأصنام). وهو تصحيف ، وأجرينا التصحيح من السيرة النبوية لابن هشام : آخر عبارة من بدء إسلام الأنصار : ج ٢ ص ٧٣ ، مطبعة مصطفى الحلبي : (١٩٣٦ م) ، تحقيق مصطفى السقا وإبراهيم الإبياري.
(٢) في السيرة النبوية لابن هشام : «ابنا الحارث بن رفاعة بن سواد بن مالك بن غنم ... وهما ابنا عفراء».
(٣) عقبة بن عامر : شهد بدرا بعد شهوده العقبة الأولى ، ثم شهد أحدا فأعلم بعصابة خضراء في مغفره. ولقد شهد الخندق وسائر المشاهد كلها ، وقتل يوم اليمامة شهيدا.
(٤) يكنى عبادة بن الصامت : أبا الوليد. وأمه قرة العين بنت عبادة بن نضلة. وكان عبادة نقيبا ، شهد العقبة الأولى والثانية والثالثة ، وشهد بدرا والمشاهد كلها. ثم وجهه عمر رضي الله عنه إلى الشام قاضيا ومعلما ، فأقام بحمص ثم انتقل إلى فلسطين ومات بها ، ودفن ببيت المقدس ، وقبره معروف بها إلى اليوم ، وفي وفاته أقوال أخرى.
(٥) شهد العباس بيعة العقبتين ، فأقام مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم بمكة حتى هاجر إلى المدينة ، فكان يقال له : مهاجري أنصاري ، قتل يوم أحد شهيدا ولم يشهد بدرا.
(٦) في المخطوط : (عويمر).
(٧) في المخطوط : (وأمرهم) ، وفي السيرة النبوية لابن هشام : (وأمره) وهو أصح.