(وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْداءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ) أي بالإسلام (فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْواناً) أي فصرتم ، ونظيره : (فَأَصْبَحَ مِنَ الْخاسِرِينَ)(١)(فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ)(٢)(إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً)(٣).
وقوله تعالى : (بِنِعْمَتِهِ) أي بدين الإسلام ، وقوله تعالى : (إِخْواناً) أي في الدين والولاية ، نظيره قوله تعالى : (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ)(٤) ، قال صلىاللهعليهوسلم : [لا تحاسدوا ولا تباغضوا ولا تنابزوا ولا تناجشوا ؛ وكونوا عباد الله إخوانا ، المسلم أخو المسلم ؛ لا يظلمه ولا يخذله ، التّقوى ها هنا ـ وأشار بيده إلى صدره ـ حسب امرئ من الشّرّ أن يحقر أخاه المسلم](٥).
قوله عزوجل : (وَكُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْها) ؛ أي كنتم في الجاهليّة على طرف هوّة من النّار ؛ أي كنتم أشرفتم على النار ؛ وكدتم تقعون فيها ، أو أدرككم الموت على الكفر ؛ فأنقذكم الله منها ؛ أي خلّصكم من النار والحفرة بالنّبيّ صلىاللهعليهوسلم والإيمان. قوله تعالى : (كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (١٠٣)) ؛ التي مثل هذا البيان الذي تلي عليكم يبيّن الله لكم الدّلالات والحجج في الأوامر والنّواهي لكي تهتدوا من الضلالة ، وتكونوا على رجاء الهداية.
قوله عزوجل : (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ) ؛ أي ليكن منكم جماعة يدعون إلى الصّلح والإحسان ، ويأمرون بالتوحيد واتّباع محمّد صلىاللهعليهوسلم وسائر الطّاعات الواجبة ؛ (وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ) ؛ والشّرك وسائر ما لا يعرف في شريعة ولا سنّة ، (وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (١٠٤)) ، أي النّاجون من السّخط والعذاب ، وإنّما قال : (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ) ولم يقل : وليكن منكم جميعكم ؛
__________________
(١) المائدة / ٣٠.
(٢) المائدة / ٣١.
(٣) الكهف / ٤١.
(٤) الحجرات / ١٠.
(٥) عن أبي هريرة رضي الله عنه ؛ رواه البخاري في الصحيح : كتاب النكاح : باب لا يخطب على خطبة أخيه حتى ينكح : الحديث (٥١٤٣) ، وفي الأدب : باب ما ينهى عن التحاسد والتدابر : الحديث (٦٠٦٤). وأخرجه همام في صحيفته : الحديث (٦) ، تحقيق رفعت فوزي في المطلب. والحديث مشهور.