والسّنّة ، وتسودّ وجوه أهل البدعة) (١). وقال بعضهم : البياض من الوجوه إشراقها واستبشارها وسرورها بعملها (٢) وبثواب الله ، واسودادها لحزنها وكآبتها وكسوفها بعملها وبعقاب ربها.
قوله عزوجل : (فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (١٠٦)) ؛ جوابه محذوف ؛ أي يقال لهم : (أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ) قيل : هم قوم من أهل الكتاب كانوا مصدّقين بأنبيائهم مصدّقين بمحمّد صلىاللهعليهوسلم قبل أن يبعث ، فلما بعث كفروا به ، فذلك قوله تعالى : (أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ). وقيل : هم من كفر بالله يوم الميثاق حين أخرجوا من صلب آدم عليهالسلام. وقيل : هم الخوارج وأهل البدع كلّها ، وقيل : هم أهل الرّدّة.
قوله عزوجل : (وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَتِ اللهِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (١٠٧)) ؛ وهم المؤمنون الذين ابيضّت وجوههم في الآخرة في جنّة الله تعالى ، صاروا إليها برحمته هم فيها مقيمون دائمون. وفي الآية بيان أنّ الجنّة لا تنال إلّا برحمة الله وإن اجتهد المجتهد في طاعته.
قوله عزوجل : (تِلْكَ آياتُ اللهِ نَتْلُوها عَلَيْكَ بِالْحَقِّ) ؛ أي هذه حجج الله ينزل بها جبريل عليهالسلام فيقرأها عليك بالصدق ؛ (وَمَا اللهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعالَمِينَ (١٠٨)) ؛ أي للجنّ والإنس.
قوله عزوجل : (وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (١٠٩)) ؛ معناه : جميع ما في السّموات والأرض من الخلق عبيد الله ومخلوقه فلا يريد ظلمهم ، فإنّ من بلغ غناه هذا المبلغ لا يحتاج إلى الظّلم. قوله تعالى : (وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ) أي عواقب الأمور في الآخرة.
قوله عزوجل : (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ) ؛ خطاب لأصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم ،
__________________
(١) في الدر المنثور : ج ٢ ص ٢٩١ ؛ قال السيوطي : «أخرجه ابن أبي حاتم وأبو نصر في الإبانة ـ والخطيب في تاريخه واللالكائي في السنة».
(٢) في المخطوط : (بعلمها).