وقال عليّ رضي الله عنه : (أفضل الجهاد الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر وشنأن الفاسقين) (١). وقال أبو الدّرداء : (لتأمرنّ بالمعروف وتنهونّ عن المنكر ؛ وإلّا ليسلّطنّ الله عليكم سلطانا ظالما لا يجلّ كبيركم ولا يرحم صغيركم ، ويدعو أخياركم فلا يستجاب لهم ؛ يستنصرون فلا ينصرون ؛ ويستغفرون فلا يغفر لكم). وقال حذيفة : (يأتي على النّاس زمان لأن يكون فيهم جيفة حمار أحبّ إليهم من مؤمن يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر) (٢) ، وقال الثوريّ : (إذا كان الرّجل محبوبا في جيرانه محمودا عند إخوانه ، فاعلم أنّه مداهن) (٣).
قوله عزوجل : (وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْبَيِّناتُ) ؛ أي ولا تكونوا كاليهود والنصارى الذين اختلفوا فيما بينهم وصاروا فرقا وشيعا ، (مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْبَيِّناتُ) الكتاب في أمر محمّد صلىاللهعليهوسلم ؛ (وَأُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ (١٠٥)) ؛ على تفريقهم واختلافهم. قال بعضهم : لا تكونوا كالّذين تفرّقوا واختلفوا ، قال : وهم المبتدعة من هذه الأمّة.
ثم بيّن الله تعالى وقت العذاب العظيم الذي يصيبهم ؛ فقال تعالى : (يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ) ؛ معناه : (وأولئك لهم عذاب عظيم يوم تبيضّ وجوه وتسودّ وجوه) وهو يوم القيامة ، وانتصب على الظّرف أي في يوم. قرأ يحيى بن وثّاب : (تبيضّ) (وتسودّ) بكسر التّاء على لغة تميم. وقرأ الزهريّ (تبياضّ) و (تسوادّ).
ومعنى الآية : تبيضّ وجوه المخلصين لله بالتوحيد ؛ أي تشرق فتصير كالثّلج بياضا والشّمس ضياء ، وتسودّ وجوه الكفّار والمنافقين من الحزن حين يدعون إلى السّجود فلا يستطيعون. وعن ابن عبّاس قال : (معناه : يوم تبيضّ وجوه أهل العلم
__________________
والأوسط من طريق عبد السلام بن عبد القدوس بن حبيب عن أبيه ، وهما ضعيفان».
(١) أخرجه أبو نعيم في حلية الأولياء : ترجمة الإمام علي رضي الله عنه : ج ١ ص ٧٤.
(٢) ذكره الزمخشري في الكشاف : ج ١ ص ٣٨٩.
(٣) ينظر : المصدر نفسه.