من الرّزق ؛ ويرضى الله تعالى منهم باليسير من العمل ؛ يدخلهم الجنّة بشهادة أن لا إله إلّا الله.
قوله عزوجل : (مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ) ؛ يعني أهل الكتاب منهم المؤمنون عبد الله بن سلام وأصحابه ، وسائر من أسلم من أهل الكتاب. (وَأَكْثَرُهُمُ الْفاسِقُونَ (١١٠)) ؛ أي الكافرون الخارجون عن أمر الله ، وهم الذين لم يسلموا منهم.
قوله عزوجل : (لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذىً) ؛ أي لن يصلوا إلى ضرركم أيّها المسلمون إلّا أن يؤذوكم باللّسان بقولهم : عزير ابن الله ؛ والمسيح ابن الله ؛ وثالث ثلاثة ؛ والبهت والتّحريف. وقال مقاتل : (إنّ رؤساء اليهود : كعب بن الأشرف ؛ وأبو رافع ؛ وأبو ياسر ؛ وابن صوريّا وغيرهم عمدوا إلى مؤمنيهم كعبد الله ابن سلام وأصحابه فآذوهم لإسلامهم ، فأنزل الله عزوجل (لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذىً) أي باللّسان ؛ يعني وعيدا وطعنا بألسنتهم ودعاء إلى الضّلالة وكلمة كفر تسمعونها منهم فتتأذون بها).
قوله تعالى : (وَإِنْ يُقاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ (١١١)) ؛ أي يعطوكم الأدبار منهزمين ؛ يعني لا يمنعكم أحد من سبيكم إيّاهم وقتلكم نفوسهم ، وقوله تعالى : (ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ) جواب الشرط ، إلّا أنه استئناف لأجل رأس الآي ؛ لأنّها على النون كقوله تعالى : (وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ)(١) وتقديره : ثمّ هم لا ينصرون ، وقال في موضع آخر : (لا يُقْضى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا)(٢) إذ لم يكن رأس آية.
قال الشاعر :
ألم تسأل الرّبع القديم فينطق |
|
... |
أي فهو ينطق.
قوله عزوجل : (ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ ما ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ) ؛ معناه : جعلت عليهم مذلّة القتل والسّبي أينما وجدوا أخذوا. قوله
__________________
(١) المرسلات / ٣٦.
(٢) فاطر / ٣٦.