فصرخت ثمّ قالت (١) :
نحن جزيناكم بيوم بدر |
|
والحرب بعد الحرب ذات سعر |
ما كان عن عتبة لي من صبر |
|
ولا أخي وعمّه وبكري |
شفيت صدري وقضيت نذري |
|
شفيت وحشيّ غليل صدري |
فلمّا رأى رسول الله صلىاللهعليهوسلم والمسلمون ما نزل بأصحابهم من جذع الآذان والأنوف ، وقطع المذاكير ؛ قالوا : لئن أنالنا الله فيهم لنفعلنّ مثل ما فعلوا ؛ ولنمثّلنّ مثلة بهم لم يمثّلها أحد قط ، فأنزل الله عزوجل هذه الآية) (٢).
وقال عطاء : أقام رسول الله صلىاللهعليهوسلم بعد أحد يدعو على بطن من هذيل يقال لهم بني لحيان ، وعلى بطن من سليم يقال لهم رعل وذكوان ، وكان يقول : [اللهمّ اشدد وطأتك على مضر ، واجعلها عليهم سنين كسنين يوسف](٣) فقحطوا حتّى أكلوا أولادهم ، وأكلوا الميتة والعظام المحرّقة ، ثمّ أنزل الله هذه الآية.
وعن أبي سالم قال : (قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : [اللهمّ العن أبا سفيان ، اللهمّ العن الحارث بن هشام ، اللهمّ العن صفوان بن أميّة]. فأنزل الله تعالى (لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ) فأسلموا وحسن إسلامهم) (٤).
ومعنى قوله (لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ) أي ليس إليك من الأمر بهواك شيء ، وقد تكون اللّام بمعنى (إلى) ، كقوله تعالى : (مُنادِياً يُنادِي لِلْإِيمانِ)(٥) أي إلى الإيمان ، وقوله : (الَّذِي هَدانا لِهذا)(٦) ونحوه. وقال بعضهم : قوله : (لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ)
__________________
(١) السيرة النبوية لابن هشام : ج ٣ ص ٩٦ ـ ٩٧.
(٢) السيرة النبوية لابن هشام : ج ٣ ص ١٠٢.
(٣) أخرجه الطبراني في الأوسط : ج ١ ص ٦٥ : الحديث (٥٤). والبخاري في الصحيح : كتاب الأذان : باب يهوي بالتكبير حين يسجد : الحديث (٨٠٤). ومسلم في الصحيح : كتاب المساجد : الحديث (٢٩٥).
(٤) أخرجه الطبري في جامع البيان : النص (٦١٩٩).
(٥) النساء / ١٩٣.
(٦) الأعراف / ٤٣.