اعتراض بين الكلام ؛ وتقدير الآية : ليقطع طرفا من الّذين كفروا أو يكبتهم أو يتوب عليهم أو يعذّبهم فإنّهم ظالمون ؛ ليس لك من الامر شيء ، وهذا وجه حسن. وقال بعضهم : (أو بمعنى (حتّى). وقال بعضهم : نصب بإضمار (أن) تقديره : أو أن يتوب عليهم.
قوله عزوجل : (وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) ؛ أي له جميع ما فيهم من الخلائق ؛ كلّهم عباد الله وفي ملكه ، (يَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ) ؛ على الذنب الصغير إذا أصرّ على ذلك ، (وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٢٩)) ؛ في قبول توبتهم ، وتأخير العذاب عنهم ، وإنّما ختم الله هذه الصفة بالمغفرة والرحمة ؛ لأنه وإن كان على التعذيب قادرا ، لكن الغالب على أمره ما يريد بخلقه الرحمة والمغفرة.
قوله عزوجل : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبَوا أَضْعافاً مُضاعَفَةً) قال ابن عبّاس : (نزلت هذه الآية في أهل الطّائف ، كانت بنو المغيرة يربون لهم ، فإذا حلّ الأجل وعجزوا عن ذلك ، زادوا في المال ، وازدادوا في الأجل ؛ فنهاهم الله عن ذلك). ومعنى (مُضاعَفَةً) : هو أنّ الرجل إذا كان له على آخر مال ، فإذا حلّ الأجل طالبه به فيعجز عنه ، فيقول المطلوب : أخّر عنّي وأزيدك في مالك ، فيفعلان ذلك ؛ فنهاهم الله عنه. ومعنى (أَضْعافاً) :) لا تأكلوا أضعاف ما أوتيتموه ؛ أي لا تأخذوا إلّا المثل. ومعنى (مُضاعَفَةً) : لا تضعّفوا المال بالزيادة في الأجل.
وقوله : (وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (١٣٠)) ؛ أي اتقوا الله في الرّبا ، ولا تستحلّوه لكي تنجوا من العذاب في الآخرة ، ثم صارت هذه الآية عامّة في جميع الناس ، وإنّما أعاد الله تحريم الرّبا بعد ما ذكره في سورة البقرة لتأكيد التحريم بتصريح النّهي عنه ، ويجوز أن يكون المراد في سورة البقرة : ربا النّسيئة ؛ وهنا ربا الفضل.
قوله تعالى : (وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ (١٣١)) ؛ أي اخشوا النار في أكل الرّبا التي خلقت للكافرين بالله ، وبتحريم الربا. فإن قيل : إذا كانت النار معدّة للكافرين ؛ فكيف يعذّب بها غير الكافرين؟ قيل : فائدة تخصيص الكافرين بالذّكر ؛ لأنّهم هم العمدة في إعداد النار لهم وقد يدخلها غير الكافرين على طريق