التّبع ، كما قال في الجنّة (أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ) وإن كان الأطفال والمجانين يدخلونها تبعا للمتقين. وقيل : معناه : واتّقوا النار في استحلال الرّبا ، فإنّ من استحلّه فهو كافر.
قوله تعالى : (وَأَطِيعُوا اللهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (١٣٢)) ؛ أي أطيعوا الله ورسوله في تحريم الرّبا لكي ترحموا فلا تعذبوا. قوله عزوجل : (وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ) ؛ معناه بادروا إلى ما يوجب لكم مغفرة من ربكم وهو التوبة. وقال ابن عبّاس : (الإسلام). وقال أبو العالية : (معناه : سارعوا إلى الهجرة). وقال عليّ رضي الله عنه : (إلى أداء الفرائض). وقال عثمان بن عفّان رضي الله عنه : (إلى الإخلاص) وقال أنس : (إلى التّكبيرة الأولى). وقال سعيد بن جبير : (إلى أداء الطّاعة). وقال الضحّاك : (إلى الجهاد). وقال عكرمة : (إلى التّوبة). وقال الورّاق : (إلى ائتمار الأوامر والإنتهاء عن الزّواجر). وقال سهل بن عبد الله : (إلى السّنّة). وقال بعضهم : إلى الصلوات الخمس. وقال بعضهم : إلى الجمعة والجماعات. قرأ نافع وابن عامر : (سارعوا) بحذف الواو على سبيل الابتداء لا على سبيل العطف (١).
قوله عزوجل : (وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ) ؛ قال ابن عبّاس : (الجنان أربع : جنّة عدن وهي العليا ، وجنّة المأوى ، وجنّة الفردوس ، وجنّة النّعيم ، ثمّ في كلّ جنّة منها جنّات عدد نجوم السّماء ، قطر المطر كلّ جنّة منها في العرض والسّعة لو ألصقت السّموات السّبع والأرضون السّبع بعضهنّ ببعض لكانت الجنّة الواحدة أعرض منها) (٢).
وإنّما خصّ العرض على المبالغة لأنّ طول كلّ شيء في الغالب أكثر من عرضه ، يقول : هذه صفة عرضها فكيف طولها! يدلّ عليه قول الزهريّ : (إنّما
__________________
(١) في الجامع لأحكام القرآن : ج ٤ ص ٢٠٣ ؛ قال القرطبي : «وكذلك هو في مصاحف أهل المدينة وأهل الشام. وقرأ باقي السبعة : (وسارعوا) بالواو. وقال أبو علي : كلا الأمرين شائع مستقيم ، فمن قرأ بالواو فلأنه عطف الجملة على الجملة ، ومن ترك الواو فلأن الجملة الثانية ملتبسة بالأولى مستغنية بذلك عن العطف بالواو».
(٢) في الجامع لأحكام القرآن : ج ٤ ص ٢٠٤ ؛ نقله القرطبي عن الكلبي.