قوله عزوجل : (وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (١٤٣)) ؛ قال ابن عبّاس : (ذلك لمّا أخبرهم الله على لسان نبيّه صلىاللهعليهوسلم ما فعل شهداؤهم يوم بدر من الكرامة والثّواب في الجنّة رغبوا في ذلك وقالوا : اللهمّ أرنا قتالا لعلّنا نستشهد به فنلحق بإخواننا في الجنّة ، فأراهم الله تعالى يوم أحد فلم يثبتوا مع النّبيّ صلىاللهعليهوسلم وانهزموا إلّا من شاء الله منهم ممّن ثبت مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم ؛ فقتل بعضهم وجرح بعضهم ؛ فأنزل الله هذه الآية).
ومعناها : ولقد كنتم تمنّون الموت بعد وقعة بدر من قبل أن تنظروا إليه يوم أحد ؛ (فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ) إلى السّيوف فيها الموت ، وهذا تعيير لهم لفشلهم عند الحرب مع صدق رغبتهم في الشّهادة. ومعنى (فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ) رأيتم أسبابه.
قوله عزوجل : (وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ) ؛ الآية ، قال المفسّرون : خرج رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى أحد حتى نزل بالشّعب من أحد في سبعمائة رجل ، وأمّر عبد الله بن جبير من بني عمرو بن عوف على الرّماة وهم خمسون رجلا ، وقال : [أقيموا بأصل الجبل وأنضحوا عنّا بالنّبل لا يأتون من خلفنا ، وإن كانت لنا أو علينا فلا تبرحوا من مكانكم ، فإنّا لا نزال غالبين ما ثبتّم مكانكم] فجاءت قريش وعلى ميمنتهم خالد بن الوليد وعلى ميسرتهم عكرمة بن أبي جهل ومعهم النساء يضربن بالدّفوف ويقلن الأشعار ، وكانت هند تقول :
نحن بنات طارق |
|
نمشي على النّمارق |
إن تغلبوا نعانق |
|
أو تدبروا نفارق |
فراق غير وامق |
فحمل رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأصحابه على المشركين فهزموهم ، وقتل عليّ بن أبي طالب طلحة بن أبي طلحة وهو يحمل لواء المشركين ، وأنزل الله نصره على المؤمنين.
قال الزّبير : فرأيت هندا وصواحباتها هاربات مصعدات في الجبل ، فلما نظرت الرّماة إلى القوم قد انكشفوا ورأوا أصحاب النبيّ صلىاللهعليهوسلم ينتهبون الغنيمة ؛ أقبلوا يريدون النّهب واختلفوا فيما بينهم ، فقال بعضهم : لا نترك أمر رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وقال بعضهم :