الغلول ولا يخون أصحابه. وقيل : معناه : ما كان لنبيّ أن يخان ، وقيل : معناه : ليس من حقّ النبيّ أن يستر عنه شيء من الغنائم.
قوله تعالى : (وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِما غَلَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ) ؛ أي من يخن يأت بما خان يوم القيامة. قال الكلبيّ : (يمثّل له ذلك الشّيء في النّار ، ثمّ يقال له : انزل فخذه ؛ فينزل فيحمله على ظهره ، فإذا بلغ موضعه وقع إلى النّار ؛ ثمّ (١) يكلّف أن ينزل إليه فيخرجه ، فإذا بلغ به موضعه وقع في أسفل جهنّم ؛ فيكلّف أن ينزل إليه ؛ فلا يزال ذلك دأبه ما شاء الله).
والغلول في اللّغة : أخذ الشّيء في الخفية. وعن عبادة بن الصّامت قال : صلّى بنا رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى جنب بعير من المغنم ؛ ثمّ تناول وبرة من سنام بعير وقال : [يا أيّها النّاس ؛ إنّ هذا من غنائمكم ؛ فأدّوا الخيط والمخيط وما دون ذلك وما فوق ذلك ، فإنّ الغلول عار على أهله ونار وشنار يوم القيامة](٢).
وسئل رسول الله صلىاللهعليهوسلم هل أحد أحقّ بالغنيمة من أحد؟ فقال : [لا ؛ ولا السّهم الّذي تستخرجه من جسدك لست أحقّ به من أخيك المسلم](٣). وروي أنّ رجلا من الصّحابة توفّي يوم خيبر فقال صلىاللهعليهوسلم : [صلّوا على صاحبكم] فتغيّرت وجوه النّاس لذلك! فقال : [إنّه غلّ في سبيل الله] ففتّش متاعه ، فوجدوا فيه خرزا من خرز اليهود لا يساوي درهمين (٤).
__________________
(١) في المخطوط : (لم) ، وهو تصحيف.
(٢) أخرجه الطبراني في الأوسط : الحديث (٧٣٧٢) عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده. والنسائي في السنن : ج ٦ ص ٢٦٤. وابن ماجة في السنن : كتاب الجهاد : الحديث (٢٨٥٠).
(٣) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى : كتاب قسم الفيء والغنيمة : باب إخراج الخمس : الحديث (١٣١٣٣) ، وباب التوبة في الغنيمة : الحديث (١٣٢٠٦ و١٣٢٠٧) ، وفي كتاب السير : باب أخذ السلاح : الحديث (١٨٥٢٠).
(٤) أخرجه أبو داود في السنن : كتاب الجهاد : باب في تعظيم الغلول : الحديث (٢١٨٠). والنسائي في السنن : كتاب الجنائز : باب الصلاة على من غلّ : ج ٤ ص ٦٤. والحاكم في المستدرك : كتاب الجهاد : باب من قتل معاهدا : الحديث (٢٦٢٨) ، وقال : «هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ، وأظنهما لم يخرجاه».