ضمن من رزقه بين هذين). قال بعضهم : حسبك من التوكّل أن لا تطلب لنفسك ناصرا غير الله ؛ وأن تقبل بالكليّة على ربك ، وتعرض عمّن دونه.
وقال الثوريّ : (إن تيقّن تدبيرك في تدبيره ، وترضى بالله وكيلا ومدبرا). وقال بعضهم : هو السّكون عن الحركات اعتمادا على خالق السّموات. وقيل لحاتم الأصمّ : على ما بنيت أمرك هذا من التّوكّل؟ قال : (على أربع خصال ؛ علمت أنّ رزقي ليس يأكله غيري ؛ فلست أشتغل به ، وعلمت أنّ عملي ليس يعمله غيري فأنا مشغول به ، وعلمت أنّ الموت يأتيني بغتة فأنا أبادره ، وعلمت أنّي بعين الله في كلّ حال فأنا أستحي منه).
قوله : (إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللهُ فَلا غالِبَ لَكُمْ) ؛ معناه : إن يمنعكم الله تعالى من عدوّكم فلا غالب لكم من العدوّ ، مثل يوم بدر ؛ (وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ) ؛ بأن يكلكم إلى أنفسكم ويرفع نصره عنكم كيوم أحد ؛ (فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ) ؛ أي من بعد خذلانه إيّاكم ، (وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (١٦٠)) ؛ في النّصرة.
قوله تعالى : (وَما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ) ؛ وذلك أنّهم اتّهموا رسول الله صلىاللهعليهوسلم في الغنائم يوم أحد حين وقعوا في عسكر المشركين يأخذون الغنائم فظنّوا أنّ من أخذ شيئا فهو له ، وأنّ النبيّ لا يقسم لهم كما لم يقسم يوم بدر ، ولهذا ترك الرّماة المركز فوقعوا في الغنيمة. وعن ابن عبّاس وابن جبير أنّهما قالا : (نزلت هذه الآية في قطيفة حمراء فقدت يوم بدر ؛ فقال بعض النّاس : لعلّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم أخذها. فأنزل الله هذه الآية) (١).
ومعناها : ما كان النبيّ أن يخون أصحابه فيستأثر شيئا من الغنيمة ، وهذا على قراءة من قرأ بفتح الياء وضمّ الغين ، وهي قراءة مجاهد وابن كثير وأبي عمرو وعاصم. وقرأ الباقون بضمّ الياء وفتح الغين ؛ ومعناها : ما كان لنبيّ أن ينسب إلى
__________________
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان : النص (٦٤٧٦) عن ابن عباس ، وفي النص (٦٤٧٧) عن ابن جبير ، وعنهما في النصوص (٦٤٧٨).