عشر من الإبل إن رددتهم ، فلمّا قدم نعيم إلى المدينة ؛ وكان أصحاب رسول الله يريدون موافاة أبي سفيان ؛ قال : بئس الرّأي رأيتم ، أتوكم في دياركم وقراركم ، ولم ينفلت منهم إلّا الشّريد ؛ تريدون أن تأتوهم في ديارهم وقد جمعوا لكم ، أما إنّ الرّجل الواحد منهم يطيق عشرة منكم ، إذا والله ما ينفلت منكم إلّا الشّريد. فكره أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم الخروج إليهم وتثاقلوا ، فلمّا رأى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ذلك منهم قال : [والّذي نفسي بيده لأخرجنّ إليهم ، وإن لم يخرج معي منكم أحد] فمضى رسول الله صلىاللهعليهوسلم للميعاد ، ومعه أبو بكر وعمر وعثمان وعليّ وطلحة والزّبير وسعد وعبد الله بن مسعود وحذيفة وأبو عبيدة في سبعين رجلا حتى انتهوا إلى بدر ؛ فلم يخرج أبو سفيان ولم يلقوا بها أحدا من المشركين ، فتسوّقوا من السّوق حاجتهم ثمّ انصرفوا ، فذلك قوله تعالى : (الَّذِينَ اسْتَجابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ ما أَصابَهُمُ الْقَرْحُ)(١). قالت عائشة رضي الله عنها لعبد الله بن الزّبير : (يا ابن أختي ؛ أما والله إنّ أباك وجدّك ـ تعني أبا بكر ـ لمن الّذين قال الله فيهم (الَّذِينَ اسْتَجابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ) الآية) (٢).
قوله تعالى : (الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزادَهُمْ إِيماناً) ؛ معناه : الذين قال لهم نعيم بن مسعود إنّ أبا سفيان وأصحابه قد جمعوا لكم فاخشوهم ولا تخرجوا إليهم ؛ فزادهم هذا القول تصديقا ويقينا وجرأة على القتال. (وَقالُوا حَسْبُنَا اللهُ) ؛ أي يقينا بالله ، وكافينا الله أمرهم. (وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (١٧٣)) ؛ أي النّاصر الحافظ ، وموضع (الَّذِينَ) خفض مردود على (الَّذِينَ) الأوّل. وقد ذكر الله نعيما بلفظ النّاس ؛ لأن الواحد قد يذكر بلفظ الجماعة على معنى الحسن ، ولهذا قالوا : من حلف وقال : إن كلّمت الناس فعبدي حرّ ، فكلّم رجلا واحدا حنث.
قوله تعالى : (فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ) ؛ أي فانصرفوا بأجر من الله وفضل ؛ وهو ما تسوّقوا به من السّوق. وروي أنّهم اشتروا
__________________
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان مختصرا : النص (٦٥٦١).
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان : النص (٦٥٦٢).