بِاللهِ) ؛ أي ذليلة أنفسهم لله ؛ (لا يَشْتَرُونَ بِآياتِ اللهِ) ؛ بمحمّد والقرآن ؛ (ثَمَناً قَلِيلاً) ؛ عرضا يسيرا كما فعله رؤساء اليهود ؛ (أُولئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ). وقال قتادة : (نزلت هذه الآية في النّجاشيّ ملك الحبشة ؛ لمّا مات نعاه جبريل عليهالسلام إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ؛ أي في اليوم الّذي مات فيه ؛ فقال صلىاللهعليهوسلم لأصحابه : [اخرجوا فصلّوا على أخ لكم مات بغير أرضكم] قالوا : ومن هو؟ قال : [النّجاشيّ](١) فخرج رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى البقيع ، وكشف له من المدينة إلى أرض الحبشة ؛ فأبصر سرير النّجاشيّ فصلّى عليه واستغفر له ؛ وقال لأصحابه : [استغفروا له]. فقال المنافقون : انظروا إلى هذا يصلّي على علج حبشيّ نصرانيّ لم يره قطّ ، وليس على دينه!؟ فأنزل الله هذه الآية) (٢).
قوله تعالى : (خاشِعِينَ لِلَّهِ) تنصب على الحال. قوله تعالى : (لا يَشْتَرُونَ بِآياتِ اللهِ ثَمَناً قَلِيلاً) أي لا يحرّفون كتبهم ، ولا يكتمون صفة محمّد صلىاللهعليهوسلم لأجل المآكل والرئاسة ، كما فعلت رؤساء اليهود. قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ (١٩٩)) ؛ فقد تقدّم تفسيره.
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصابِرُوا وَرابِطُوا وَاتَّقُوا اللهَ) ؛ أي (اصْبِرُوا وَصابِرُوا وَرابِطُوا) أي اصبروا على أداء الفرائض ، واجتناب المحارم ، وصابروا أعداءكم في الجهاد في مقاتلتهم ، ورابطوا خيولكم على الجهاد. والرّباط والمرابطة : أن يربط كلّ واحد من الفريقين خيولهم في الثّغر. وقيل المرابطة : المحافظة على الصلوات.
قال أبو هريرة رضي الله عنه : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : [ألا أخبركم بما يمحو الله به الخطايا ، ويرفع به الدّرجات؟] قالوا : بلى يا رسول الله ، قال : [إسباع الوضوء على المكاره ؛ وكثرة الخطا إلى المساجد ؛ وانتظار الصّلاة بعد الصّلاة ، فذلكم الرّباط](٣).
__________________
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان : النص (٦٦٧٩) بأسانيد.
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان : النص (٦٦٨١). والواحدي في أسباب النزول : ص ٩٣.
(٣) أخرجه الطبري في جامع البيان : النص (٦٦٩٦). ومسلم في الصحيح : كتاب الطهارة : باب فضل إسباغ الوضوء على المكاره : الحديث (٤١ / ٢٥١).