يأخذه من مال اليتيم حراما خبيثا ، وتعطيه مالك الحلال ، ولكن آتوهم أموالهم بأعيانها) (١). وفي هذا دليل على أنه لا يجوز لوليّ اليتيم أن يستقرض مال اليتيم ولا أن يستبدله من نفسه ، وقيل : معنى (وَلا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ) أي لا تجعل الزيف بدل الجيّد ؛ ولا المهزول بدل السّمين.
قوله تعالى : (وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ إِلى أَمْوالِكُمْ) ؛ كقوله تعالى : (مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللهِ)(٢) أي مع الله ، وقيل معناه : لا تأكلوا أموالهم مضيفين إلى أموالكم ؛ لأنّهم كانوا يخلطون أموال اليتامى بأموالهم حتى يصير دينا عليهم ، ثم كانوا يبيعونها مع أموالهم ويربحون عليها ويستبدّون بتلك الأرباح. قوله تعالى : (إِنَّهُ كانَ حُوباً كَبِيراً (٢)) ؛ أي إثما عظيما ، وفيه ثلاث لغات : قراءة العامّة : (حوبا) بالضمّ وهي قراءة النبيّ صلىاللهعليهوسلم وهي لغة أهل الحجاز ، وقراءة الحسن (إنّه كان حوبا) بفتح الحاء وهي لغة تميم ، وقراءة أبيّ بن كعب : (حابا) على المصدر مثل القال ، ويجوز أن يكون اسما مثل الزاد ، ويقال للذنب : حوب وحوب وحاب.
قوله تعالى : (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ) ؛ قال ابن عبّاس : (لمّا نزل قوله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً) الآية ، خاف النّاس أن لا يعدلوا في أموال اليتامى ـ وكانوا يتزوّجون من النّساء ما شاءوا ـ فنزلت هذه الآية) (٣).
ومعناها : إن خفتم أن لا تعدلوا في أموال اليتامى ؛ فخافوا في النّساء إذا اجتمعن عندكم أن لا تعدلوا بينهنّ ، فتزوّجوا ما حلّ لكم من النّساء ، ولا تنكحوا إلّا ما يمكنكم إمساكهنّ : ثنتان ثنتان ؛ وثلاث ثلاث ؛ وأربع أربع ، ولا يزيدوا على أربع حرائر. وقيل : معنى الآية : إن خفتم أن لا تعدلوا يا معشر الأولياء في اليتامى إذا
__________________
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان : النص (٦٧٣١).
(٢) آل عمران / ٥٢.
(٣) أخرجه الطبري في جامع البيان : النص (٦٧٤٨).