الشّعاب ، فقال صلىاللهعليهوسلم : [لا ؛ إنّها لتنطبق على من هو أعظم جرما منه ، ولكن أراد الله أن يبيّن لكم حرمة الدّم](١).
ومعنى الآية : يا أيّها الّذين آمنوا إذا خرجتم مسافرين في طاعة الله فتبيّنوا ؛ أي ميّزوا الكافر من المؤمن بالدلائل والعلامات ، ولا تعجلوا بالقتل حتى يتبيّن لكم ذلك. ومن قرأ (فتثبّتوا) بالثّاء فمعناه : قفوا في أمر من أظهر لكم الإسلام ولا تعجلوا بقتله ، (وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقى إِلَيْكُمُ السَّلامَ) ؛ أي الانقياد والمتابعة وأسمعكم كلام الإسلام ؛ (لَسْتَ مُؤْمِناً تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَياةِ الدُّنْيا) ؛ فتقتلوه وتطلبون بردّ إسلامه استغنام ما معه من المال ، (فَعِنْدَ اللهِ مَغانِمُ كَثِيرَةٌ) ؛ يظهركم عليها ، ويبيح لكم أخذها.
ومن قرأ (السّلام) بالألف فمعناه : لا تقولوا لمن سلّم عليكم ، ودعاكم لست مؤمنا ، والتسليم من علامات الإسلام ، به يتعارف المسلمون ، وبه يحيّي بعضهم بعضا.
قوله تعالى : (تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَياةِ الدُّنْيا)) ؛ يعني تطلبون بذلك الغنم والغنيمة وسلبه ، وعرض الدنيا منافعها ومتاعها. قوله تعالى : (كَذلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ) ؛ أي من قبل الهجرة تأمنون في قومكم بين المؤمنين بلا إله إلّا الله ؛ فكيف تخيفون وتقتلون من قالها ، فنهاهم الله تعالى أن يخيفوا أحد يأمن بما كانوا يأمنون بمثله وهم في قومهم. وقيل : معناه : كنتم تقتلون وتؤخذ أموالكم قبل الهجرة ، (فَمَنَّ اللهُ عَلَيْكُمْ) ؛ بتوفيق الإيمان والهجرة ، (فَتَبَيَّنُوا) ؛ ولا تخيفوا أحدا بأمر كنتم تأمنون بمثله ، (إِنَّ اللهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً (٩٤)) ؛ من القتل وغير ذلك خبيرا.
قوله عزوجل : (لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ) ؛ أي لا يستوي في الفضل والثّواب القاعدون عن الجهاد من المؤمنين الأصحّاء ؛ الذين لا ضرر بهم من المرض والزّمانة ؛ ولا عذر يمنعهم من الجهاد ، (وَالْمُجاهِدُونَ) ؛ في طاعة الله بالإنفاق من أموالهم والخروج بأنفسهم.
__________________
(١) في الدر المنثور : ج ٢ ص ٦٣٥ ؛ قال السيوطي : «أخرجه ابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل». وأخرجه البيهقي في دلائل النبوة : ج ٧ ص ١٢٧ ـ ١٢٨ عن عمران بن حصين.