الكذب واليمين الفاجرة وشرب الخمر وترك الفرائض ؛ (ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللهَ) ؛ بالتوبة ؛ (يَجِدِ اللهَ غَفُوراً) ؛ للمستغفرين التائبين ؛ (رَحِيماً (١١٠)) ؛ بهم بعد التوبة. وإنّما شرطت التوبة ؛ لأن الاستغفار لا يكون توبة بالإجماع ما لم يقل معه : تبت وأسأت ولا أعود إليه أبدا ؛ فاغفر لي يا رب. وقيل : معناه : من يعمل سوءا بسرقة الدرع ، أو يظلم نفسه برميه البريء بالسرقة.
وقيل : معناه : من يعمل سوءا أو شركا (أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ) يعني بما دون الشّرك ، (ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللهَ) أي يتوب إلى الله ، (يَجِدِ اللهَ غَفُوراً رَحِيماً). وقيل : أراد بالسّوء : الكبيرة ، ويظلم النفس : الصغيرة.
وعن عليّ كرّم الله وجهه ؛ قال : (حدّثني أبو بكر وصدق أبو بكر رضي الله عنه قال : ما من عبد يذنب ذنبا ثمّ يتوضّأ ويصلّي ركعتين ويستغفر الله إلّا غفر الله له ، وتلا هذه الآية (وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ) الآية) (١).
قوله عزوجل : (وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْماً فَإِنَّما يَكْسِبُهُ عَلى نَفْسِهِ) ؛ أي من يعمل معصية فإنّما عقوبته على نفسه ، (وَكانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً (١١١)) ؛ أي لم يزل عليما بكلّ ما يكون ، حكيما فيما حكم به من القطع على السارق. وقيل : معنى الآية : (وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْماً) يعني بيمينه بالباطل ، فإنّما يضرّ به نفسه ، (وَكانَ اللهُ عَلِيماً) بسارق الدّرع ، (حَكِيماً) حكم بالقطع على طعمة بالسّرقة.
وقد روي : أنّه لمّا نزلت هذه الآية ؛ عرف قوم طعمة كلّهم أنّه هو الظّالم ، فأقبلوا عليه وقالوا له : اتّق الله وائت رسول الله صلىاللهعليهوسلم تبوء بالذنب ، فقال : لا ؛ والّذي يحلف به ما سرقها إلّا اليهوديّ. فنزل قوله تعالى : (وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً (١١٢)) ؛ أي ومن يعمل معصية بغير عمد
__________________
(١) في الدر المنثور : ج ٢ ص ٦٧٩ ؛ قال السيوطي : «أخرجه ابن أبي حاتم وابن السني في عمل اليوم والليلة وابن مردويه». وأخرجه الإمام أحمد في المسند : ج ١ ص ١٠. وأبو داود في السنن : كتاب الصلاة : باب في الاستغفار : الحديث (١٥٢١) ، وفيه تلا الآية : (وَالَّذِينَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللهَ).