لهما في النّكاح ؛ (حَكِيماً (١٣٠)) ؛ حكم على الزوج بالإمساك بالمعروف أو التسريح بالإحسان. وقيل : معناه : وكان الله واسع الملك جوادا لا يعجزه شيء ، وحكمه فيما يحكم من الفرقة يجعل لكلّ واحد منهما من يسكن إليه ويتسلّى به عن الأوّل.
ومن حكم هذه الآية : أنّ الرجل إذا قسم لنسائه لا يجب عليه وطئ واحدة منهنّ ، لأنّ الوطء لذة له فهي حقّه ، فإذا تركه لم يجبر عليه ، وليس هو كالمقام والنفقة. وعماد القسم الليل ، ولا يجامع المرأة في غير يومها ، ولا يدخل بالليل على التي لم يقسم لها ، ولا بأس أن يدخل عليها بالنهار في حاجة ويعودها في مرضها في ليلة غيرها ، فإن فعلت فلا بأس أن يقيم حتى تشفى أو تموت ، فإن أراد أن يقسم ليلتين ليلتين أو ثلاثا ثلاثا كان له ذلك.
قوله عزوجل : (وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) ؛ كلّهم عبيده وإماؤه ، (وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ) ؛ أي أمرنا أهل التوراة في التّوراة ، وأهل الإنجيل في الإنجيل ، وأهل كل كتاب في كتابهم ، (وَإِيَّاكُمْ) أي ووصّيناكم يا أمّة محمّد في كتابكم ؛ (أَنِ اتَّقُوا اللهَ) ؛ وأطيعوه في النّساء واليتامى وأحكامهم.
قوله تعالى : (وَإِنْ تَكْفُرُوا) ؛ أي وإن تجحدوا وصيّة الله سبحانه وتعالى فلم تعملوا بها ، (فَإِنَّ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ) ؛ من الملائكة ، (وَما فِي الْأَرْضِ) ؛ من الجنّ والإنس وسائر الخلق ، (وَكانَ اللهُ غَنِيًّا) ؛ عن عبادتكم ، لا يضرّه كفر من كفر منكم ، ولا ينفعه طاعة من أطاع منكم ، (حَمِيداً (١٣١)) ؛ محمودا في ذاته وفي خواصّ ملائكته وعباده ، حمدتموه أو لم تحمدوه. وقيل : حامدا لمن وحّده وأطاعه.
قوله عزوجل : (وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) ؛ تنبيه بعد تنبيه ؛ كأنه تعالى نبّههم عن غفلتهم بأنه حفيظ على أعمالهم كي يتحفّظوا ولا يتهاونوا لما أمروا من أمر الله تعالى ، وليس شيء من هذه الألفاظ تكرار في كتاب الله تعالى ، ولكن كلّ واحد منها مقرون بفائدة جديدة ، والفائدة في قوله تعالى : (وَلِلَّهِ ما فِي