قوله تعالى : (وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ) ؛ أي جبلت الأنفس على الشحّ ، فشحّ المرأة الكبيرة منعها من الرّضا بدون حقّها ، وترك بعض نصيبها من الرجل لغيرها ، وشحّ الرجل بنصيبه من الشّابّة يمنعه من توقير نصيب الكبيرة من القسم عليها. قوله تعالى : (وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا) ؛ أي إن تحسنوا العشرة وتتّقوا الظّلم على النساء ؛ (فَإِنَّ اللهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً (١٢٨)) ؛ من الإحسان والجود ، عالما بخير عملكم ، والسوء فيجزيكم على ذلك.
قوله تعالى : (وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ) ؛ أي ولن تقدروا أن تساووا بين النساء ولو اجتهدتم في العدل ، كما روي أنّ النّبيّ صلىاللهعليهوسلم كان يقسم بين نسائه فيعدل ثمّ يقول : [اللهمّ إنّ هذا قسمي فيما أملك ؛ فلا تؤاخذني بما لا أملك](١) وأراد به التسوية والمحبّة.
قوله تعالى : (فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوها كَالْمُعَلَّقَةِ) ؛ أي لا تميلوا إلى الشابّة والجميلة بالفعل كلّ الميل في النفقة والقسمة والإقبال عليها ، فتتركوا العجوز بغير قسمة كالمنبوذة والمحبوسة لا أيم ولا ذات بعل. وعن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه قال : [من كانت له امرأتان فمال إلى إحداهما ؛ جاء يوم القيامة وأحد شقّيه مائل](٢).
قوله تعالى : (وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا) ؛ أي وإن تصلحوا ما أفسدتموه بإفراد الميل ، فتعدلوا في القسمة بينهنّ ، وتتّقوا الجور والعقوبة فيه ، (فَإِنَّ اللهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً (١٢٩)) ؛ لما سلف منكم من الظّلم عليهنّ رحيما بكم بعد التوبة.
قوله عزوجل : (وَإِنْ يَتَفَرَّقا يُغْنِ اللهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ) ؛ أي معناه : أنّ الزوج والمرأة إذا تفرّقا دون ترك حقوق الله التي أوجبها عليهما ؛ أغنى الله كلّا من سعته من رزقه ؛ الزوج بامرأة أخرى ، والمرأة بزوج آخر ؛ (وَكانَ اللهُ واسِعاً) ؛
__________________
(١) أخرجه أبو داود في السنن : كتاب النكاح : باب في القسم بين النساء : الحديث (٢١٣٤).
(٢) أخرجه الإمام أحمد في المسند : ج ٢ ص ٣٤٧. وأبو داود في السنن : كتاب النكاح : باب القسم بين النساء : الحديث (٢١٣٣). والترمذي في الجامع : كتاب النكاح : باب ما جاء في التسوية بين الضرائر : الحديث (١١٤١).