لا يوجب تقديمه في الخلق والإرسال ، والفائدة في تقديمه في الذكر : الردّ على اليهود ، ولغلوّهم في الطّعن فيه وفي نسبه ، فقدّمه الله في الذكر ؛ لأن ذلك أبلغ في كتب اليهود وفي تنزيهه ممّا رمي به ونسب إليه.
قوله جلّ وعزّ : (وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْناهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ) ؛ عطف على (إِنَّا أَوْحَيْنا إِلَيْكَ)) ، كأنه قال : إنا أرسلناك موحين إليك ، وأرسلنا رسلا قد قصصنا عليك ، ويجوز أن يكون منصوبا بالفعل الذي بعده ، كأنه قال : وقد قصصنا رسلا عليك ، ومعناه : قصصناهم ؛ أي سمّيناهم لك في القرآن ، وعرّفناك قصّتهم ، (وَرُسُلاً لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ) ، أي وأرسلنا رسلا لم نسمّهم لك وأمرناهم بالاستقامة على التّوحيد ودعوة الخلق إلى الله.
وعن أبي ذرّ قال : قلت : يا رسول الله ؛ كم كانت الأنبياء؟ وكم كان المرسلون؟ قال : [كانت الأنبياء صلوات الله عليهم مائة ألف وأربعة وعشرين ألفا ، وكان المرسلون ثلاثمائة وثلاثة عشر](١).
وعن كعب الأحبار أنه قال : (الأنبياء صلوات الله عليهم ألفا ألف ومائتا ألف وخمسة وعشرون ألفا ، والمرسل ثلاثمائة وثلاثة عشر. وكان داود عليهالسلام قد أنزل عليه الزبور ، وكان ينزل إلى البرّية ويقرأ الزبور ؛ فيقوم معه علماء بني إسرائيل خلفه ؛ ويقوم الناس خلف العلماء ، وتقوم الجنّ خلف الناس ، وتجيء الدوابّ التي في الجبال إذا سمعت صوت داود فيقمن بين يديه تعجّبا لما يسمعن من صوته ، وتجيء الطير حتى يظلّلن على داود في خلائق لا يحصيهنّ إلّا الله يرفرفن على رأسه ، وتجيء السّباع حتى تحيط بالدواب والوحش لما يسمعن ، ولما قارن الذنب لم ير ذلك ، فقيل له : ذلك أنس الطاعة ، وهذه وحشة المعصية.
وعن أبي موسى الأشعريّ قال : قال لي رسول الله صلىاللهعليهوسلم : [لو رأيتني البارحة وأنا أستمع لقراءتك ، لقد أعطيت مزمارا من مزامير آل داود] فقال : فقلت : أما والله
__________________
(١) في الدر المنثور : ج ٢ ص ٧٤٦ ؛ قال السيوطي : «أخرجه عبد بن حميد والحكيم الترمذي في نوادر الوصول وابن حبان في صحيحه والحاكم وابن عساكر. وضعفه». وفي تفسير الآية ؛ قال ابن كثير : «فيه معان بن رفاعة السلامي ، ضعيف».