لأنّها أبهم في التّميّز من الأهليّة ، ولهذا استثنى الله الصيد في حالة الإحرام في قوله تعالى : (غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ). والبهيمة في اللغة يتناول كلّ حيّ لا يميّز ، استبهم عليه الجواب ؛ أي استغلق.
قوله تعالى : (إِلَّا ما يُتْلى عَلَيْكُمْ) ؛ أي إلّا ما يقرأ عليكم في القرآن ممّا حرّم عليكم في هذه السورة من الميتة والدّم ولحم الخنزير والموقوذة والمتردّية والنّطيحة الآية.
قوله تعالى : (غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ) ؛ نصب على الحال من الكاف والميم التي في قوله : (أُحِلَّتْ لَكُمْ) كما يقال : جاء زيد راكبا ؛ وجاء غير راكب. والمعنى : أحلّت لكم بهيمة الأنعام غير محلّي الصّيد ؛ أي من أن تستحلّوا قتل الصّيد وأنتم محرمون. وقيل : نصب على الحال من قوله (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) أي أوفوا بالمعقود غير محلّي الصّيد ، هذا قول الأخفش ، والأوّل قول الكسائيّ.
ومعنى الآية : أحلّت لكم الأنعام إلّا ما كان وحشيا ، فإنّه صيد لا يحلّ لكم إذا كنتم محرمين ، فذلك قوله : (وَأَنْتُمْ حُرُمٌ). قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ يَحْكُمُ ما يُرِيدُ (١)) ؛ أي يقضي على عباده بما شاء من التحليل والتحريم على ما توجبه الحكمة.
قوله عزوجل : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللهِ) ؛ أراد به المناسك ؛ أي لا تستحلّوا مخالفة شيء منها ، ولا تجاوزوا مواقيت الحرم غير مؤدّين حقوقها ، وذلك : أنّ الأنصار كانوا لا يسعون بين الصّفا والمروة ، وكان أهل مكّة لا يخرجون إلى عرفة فأمر الله تعالى أن لا يتركوا شيئا من المناسك. وقال الحسن : (شعائر الله دين الله) ؛ أي لا تحلّوا في دين الله شيئا ممّا لم يحلّه الله. ويقال : هي حدود الله في فرائض الشرع.
والشّعائر في اللغة : المعالم ، والإشعار : الإعلام ، والشّعيرة واحدة الشّعائر ؛ وهي كلّ ما جعل علما لطاعة الله تعالى.