(فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ)(١) كافّة ، وبقوله تعالى : (فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ بَعْدَ عامِهِمْ هذا)(٢)). وقرأ الأعمش (ولا آمّين) أي البيت الحرام بالإضافة.
قوله تعالى : (وَإِذا حَلَلْتُمْ فَاصْطادُوا وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ أَنْ تَعْتَدُوا) ؛ أي لا يحملنّكم ويكسبنّكم بغض قوم وعداوتهم بأن صرفوكم عام الحديبية عن المسجد الحرام على أن تظلموهم ، وتتجاوزوا الحدّ للمكافأة. وموضع : (أَنْ تَعْتَدُوا) نصب لأنه مفعول ، و (أَنْ صَدُّوكُمْ) مفعول له ، كأنه قال : لا يكسبنّكم بغض قوم الإعتداء عليهم بصدّهم إيّاكم.
قرأ أهل المدينة إلّا قالون ابن عامر والأعمش : (شَنَآنُ) بجزم النّون الأولى. وقرأ الآخرون بالفتح وهما لغتان ؛ إلّا أنّ الفتح أجود لأنه أفهم اللّغتين ، ولأنّ المصادر أكثر ما تجيء على (فعلان) مثل النّفيان (٣) والرّتقان (٤) والعسلان (٥) ونحو ذلك (٦).
قال ابن عبّاس : (معنى : (وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ) أي ولا يحملنّكم) (٧). وقال الفرّاء : (ولا يكسبنّكم) ، قال : (يقال : فلان جريمة أهله ؛ أي كاسبهم). قوله تعالى : (أَنْ صَدُّوكُمْ) قرأ ابن كثير وأبو عمرو بكسر الألف على الاستئناف والجزاء ، وقرأ الباقون بالفتح ؛ أي لئن صدّوكم ، والفتح أجود ؛ لأن الصدّ كان واقعا من الكفّار يوم الحديبية قبل نزول هذه السورة.
__________________
(١) التوبة / ٥.
(٢) التوبة / ٢٨.
(٣) النّفيان : نفيان السّيل : ما فاض من مجتمعه ، كأنه يجتمع في الأنهار الإخاذات ، ثم يفيض إذا ملأها ، فذلك نفيانه.
(٤) الرّثق : إلحام الفتق وإصلاحه ، والرّتقان : ثوبان يرتقان بحواشيهما.
(٥) العسلان : الناقة السريعة ، أو المشي الخبب ، ومشي الذئب واهتزاز الرمح.
(٦) في الحجة للقراءات السبعة : ج ٢ ص ١٠٥ ؛ قال أبو علي الفارسي : «أما الشّنآن ، فإن فعلانا يجيء على ضربين : أحدهما اسم ، والآخر : وصف. والاسم على ضربين : أحدهما أن يكون مصدرا كالنّقزان ، والنّفيان .. وعامة ذلك يكون معناه التحرك والتقلّب ، فالشّنآن على ما جاءت به هذه المصادر. والاسم الذي ليس بمصدر نحو : الورشان والعلجان. وأما مجيء فعلان وصفا فنحو : الزّفيان والقطوان».
(٧) أخرجه الطبري في جامع البيان : النص (٨٦٤٨).