الآية فقال : [السّبيل إلى البيت : الزّاد والرّاحلة](١) ومثله عن ابن مسعود وابن عبّاس وعائشة وجابر بن عبد الله وأنس بن مالك.
قوله تعالى : (وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ (٩٧)) ؛ معناه : من أنكر فريضة الحجّ فلم ير واجبا فإنّ الله غنيّ عن من حجّ وعن من لم يحجّ ؛ أي لم يتعبّد الناس بالعبادات لحاجته إليها ، وإنّما تعبّدهم به لعلمه بمصالحهم فيها. وقد روي : أنّه لمّا نزل فرض الحجّ ؛ جمع رسول الله صلىاللهعليهوسلم مع المسلمين اليهود والنّصارى ومشركي العرب ، فقال صلىاللهعليهوسلم : [إنّ الله قد فرض عليكم الحجّ فحجّوا] فلم يقبله إلّا المسلمون فأنزل الله تعالى : (وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ)(٢).
وأمّا ما روي عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنّه قال : [من أدرك حجّة الإسلام فلم يحجّ ؛ ولم يمنعه حاجة ظاهرة ؛ ولا إمام جائر ظالم ؛ ولا سجن حابس حتّى يموت على ذلك ؛ فليمت على أيّ حال شاء يهوديّا أو نصرانيّا](٣) ولا يجوز الحكم بكفره بأخبار الآحاد ، وتأويل الخبر : أنّه لم ير الحجّ فرضا عليه وقد وجد الاستطاعة. وعن ابن عمر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : [معنى ومن كفر ؛ أي ومن كفر بالله واليوم الآخر](٤). وقال صلىاللهعليهوسلم : [من مات ولم يحجّ لم يقبل الله له يوم القيامة عملا](٥).
__________________
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان : الحديث (٥٩١٦). والترمذي في الجامع الصحيح : أبواب الحج : باب ما جاء في إيجاب الحج بالزاد والراحلة : الحديث (٨١٣) ، وقال : «هذا حديث حسن. وفيه يزيد الخوزي ، وقد تكلم بعض أهل العلم من قبل حفظه».
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان : النص (٥٩٣٦) عن الضحاك بمعناه.
(٣) رواه الدارمي في السنن : كتاب المناسك : باب من مات ولم يحج : الحديث (١٧٨٥) عن أبي أمامة ، وأوله : [من لم يمنعه عن الحجّ ...]. في نصب الراية لأحاديث الهداية : ج ٤ ص ٤١١ ؛ قال الزيلعي : «قد روى هذا الحديث عن علي وأبي هريرة ، وحديث أبي أمامة على ما فيه أصلحها».
(٤) أخرجه الطبري في جامع البيان : النص (٥٩٣٨).
(٥) في نصب الراية : ج ٤ ص ٤١٢ قال الزيلعي : «رواه الواحدي في تفسير الوسيط بسنده عن ابن مسعود وعن النبي صلىاللهعليهوسلم». وقال : «قال البيهقي في شعب الإيمان : وهذا الحديث إن صح ، فالمراد والله أعلم إذا كان لا يرى تركه قائما ولا فعله برا ، والله أعلم».