كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ) [الزخرف : ٢٥] ، والإكرام كقوله : (ادْخُلُوا الْجَنَّةَ) [الأعراف : ٤٩] ، والامتنان كقوله : (فَامْشُوا فِي مَناكِبِها) [الملك : ١٥]» (١).
وحين تكلّم على قوله تعالى : (يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ (٤٧)) [البقرة : ٤٧] ذكر أنّه «للإطناب والتأكيد» ، ثمّ بيّن أهميّة تنوّع الأساليب في كلام العرب ، ومجيء القرآن على نظم هو غاية الفصاحة عندهم فقال : «ومن البلاغة عند العرب العدول عن الإطناب إلى الإيجاز ، وعن الإيجاز إلى الإطناب ، وعن التجنيس إلى الإطباق ، وعن الإطباق إلى التجنيس ، وعن التصريح إلى التعريض ، وعن التعريض إلى التصريح ، وترك لزوم الفنّ الواحد من هذه الفنون. والله تعالى أنزل القرآن على نظم هو غاية الفصاحة عندهم على ما تعارفوه واعتادوه ، بلسان عربيّ مبين» (٢).
٩ ـ اتّبع المؤلف في تفسير الآيات الكريمة منهج التّفسير بالمأثور ، أي : تفسير القرآن بالقرآن ، أو بالسّنّة ، أو بأقوال الصّحابة والتابعين.
فمن أمثلة تفسير القرآن بالقرآن ما ذكره في تفسير قوله تعالى : (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ) [الفاتحة : ٧] إذ قال : «(غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ) : وهم اليهود لقوله تعالى في شأنهم : (فَباؤُ بِغَضَبٍ عَلى غَضَبٍ) [البقرة : ٩٠]. (وَلَا الضَّالِّينَ) : النصارى لقوله تعالى : (وَلا تَتَّبِعُوا أَهْواءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيراً وَضَلُّوا عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ) [المائدة : ٧٧]» (٣). وفي تفسير قوله تعالى : (فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلاً) [البقرة : ٥٩] بيّن المراد بالظّلم في الآية ، واستدلّ لما ذهب إليه بآيتين أخريين ، فقال : «و (الظلم) ههنا الكفر ، كما في قوله : (وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ) [الأنعام : ٨٢] ، (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) [لقمان : ١٣]» (٤).
ومن أمثلة تفسير القرآن بالسّنّة : في قوله تعالى : (وَقالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كانَ هُوداً) [البقرة : ١١١] قال : «و (هود) جمع هائد ، كما أنّ (عوذا) جمع عائذ ، وهو الناقة إذا وضعت وبعد ما تضع أيّاما ، وفي الحديث : (ومعهم العوذ المطافيل)» (٥). وفي قوله تعالى : (لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى
__________________
(١) درج الدرر ٤٦.
(٢) درج الدرر ٥٢ ـ ٥٣.
(٣) درج الدرر ٥.
(٤) درج الدرر ٦٧.
(٥) درج الدرر ١٣٣.