التَّقْوى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ) [التّوبة : ١٠٨] بيّن أنّ المسجد المراد في الآية «مسجد رسول الله صلىاللهعليهوسلم» ، واستدلّ بحديثين نبويّين شريفين ، فقال : «وعن أبي سعيد الخدريّ أنّ النّبيّ صلىاللهعليهوسلم قال : هو مسجدي هذا ، يدلّ عليه ما روى أبو أيّوب وجابر بن عبد الله وأنس بن مالك أنّه لمّا أنزلت : (فِيهِ رِجالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا) قال النّبيّ صلىاللهعليهوسلم : يا معشر الأنصار إنّ الله قد أثنى عليكم في الطّهور فما طهوركم هذا؟ قالوا : نتوضّأ للصّلاة ونغتسل من الجنابة ونستنجي بالماء ، قال : هو ذلك فعليكموه» (١).
ومن أمثلة تفسير القرآن بالأقوال المأثورة عن الصحابة والتابعين ما نقله من أقوال عن المراد بالشّجرة في قوله تعالى : (وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ) [البقرة : ٣٥] إذ قال : «وهي شجرة السنبلة عن ابن عبّاس وأبي مالك وعطيّة ووهب وقتادة ، وشجرة العنب عن ابن مسعود والسدّي وجعدة بن هبيرة وإحدى الروايات عن ابن عبّاس ، وشجرة العلم عن الكلبيّ ، يعني علم الخير والشرّ» (٢). وفي قوله تعالى : (فَقُلْنا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِها) [البقرة : ٧٣] ذكر أنّ معنى «(بِبَعْضِها) : ببعض البقرة» ، ثمّ نقل الأقوال في المراد به فقال : «قال ابن عبّاس : إنّه العظم الذي يلي الغضروف ، وعن الضحّاك أنّه لسانها ، وعن قتادة وعكرمة أنّه فخذها ، وخصّ الكلبيّ الفخذ اليمنى ، وعن سعيد بن جبير أنّه عجب ذنبها الذي تركّب عليه الخلق ولا تأكله الأرض ، وعن السدّي أنّه المضغة التي بين كتفيها ، وقيل : هو الأذن» (٣).
١٠ ـ معظم الأحاديث التي ذكرها المؤلف صحيحة مرويّة في كتب الصّحاح والسّنن والمسانيد ، وكثير منها في البخاريّ ومسلم ، أو في أحدهما (٤).
١١ ـ لم يكتف المؤلّف بأن يكون مجرّد ناقل لآراء من سبقوه وأقوالهم ، فكان يردّ في مواضع متفرّقة من كتابه على ما ينقله ، مبيّنا وهما أو معترضا على رأي. ومن الأمثلة على ذلك ما ذكره في أثناء عرضه الأقوال المختلفة في توجيه قوله تعالى : (وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْراهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ) [البقرة : ١٣٠] إذ قال : «وقول أبي عبيدة وأبي عبيد : إنّ معنى قوله : (سفه نفسه) : أهلكها وأوبقها ، لا معنى له إلا أن يحمل قولهم : سفه الشراب ، على معنى استهلك» (٥).
__________________
(١) درج الدرر ٧٢٣ ـ ٧٢٤.
(٢) درج الدرر ٣٩ ـ ٤٠.
(٣) درج الدرر ٨٦.
(٤) ينظر على سبيل المثال : درج الدرر ٤٢ ، و ٥٥ ، و ٦٦ ، و ١٠١ ، و ١١٨ ، و ٣٠٧ ، و ٤٠٦ ، و ٤٠٨ ، و ٤٢٠ ، و ٤٦٦.
(٥) درج الدرر ١٥٤.