والذنوب (وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ) أي نعمة الإسلام بالترخيص لكم (لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) [٦] الله ونعمته فيثيبكم.
(وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثاقَهُ الَّذِي واثَقَكُمْ بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنا وَأَطَعْنا وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (٧))
(وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ) وهي نعمة الإسلام التي أنعمها (عَلَيْكُمْ) وأزال عنكم الكفر بارسال محمد إليكم (وَ) اذكروا (١)(مِيثاقَهُ الَّذِي واثَقَكُمْ بِهِ) أي عهده الذي عهده إليكم ، وهو بيعة الرضوان على السمع والطاعة في حال اليسر والعسر (إِذْ قُلْتُمْ) للنبي عليهالسلام مبايعين (سَمِعْنا وَأَطَعْنا) فاحفظوا منة الله عليكم بذلك (وَاتَّقُوا اللهَ) في نقض الميثاق المعهود (إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) [٧] أي بسرائر قلوبكم.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَداءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوى وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ (٨))
ثم قال إيماء لنفي الظلم عنهم (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَداءَ بِالْقِسْطِ) أي مجتهدين في إقامة العدل شهداء لله على من كانت (وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ) أي لا يحملنكم (شَنَآنُ قَوْمٍ) أي بغض المشركين (عَلى أَلَّا تَعْدِلُوا) أي على ترك العدل فتعتدوا عليهم (اعْدِلُوا) أي قولوا : الحق في أوليائكم وأعدائكم (هُوَ) أي قول الحق والعدل (أَقْرَبُ لِلتَّقْوى) أي لطاعة الله ، وأبعد من عصيانه (وَاتَّقُوا اللهَ) أي اخشوه فيما يأمركم به وينهاكم عنه (إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ) [٨] من الطاعة والمعصية.
(وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ (٩))
ثم بين ثواب المطيع وعقاب العاصي (٢) فقال (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا) بالله وبمحمد نبيه (وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) أي الخيرات بعد الإيمان (لَهُمْ مَغْفِرَةٌ) من ذنوبهم في شركهم (وَأَجْرٌ عَظِيمٌ) [٩] لأعمالهم في إيمانهم في الآخرة ، وهذه الجملة في محل النصب على أنها المفعول الثاني ل (وَعَدَ) ، والأول (الَّذِينَ آمَنُوا).
(وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَحِيمِ (١٠))
(وَالَّذِينَ كَفَرُوا) بالله (وَكَذَّبُوا بِآياتِنا) أي بمحمد والقرآن (٣) وماتوا بلا توبة (أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَحِيمِ) [١٠] أي ملازمون بها لا ينفكون عنها.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَاتَّقُوا اللهَ وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (١١))
قوله (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ) نزل حين رأى المشركون في غزوة ذي أنمار اسم موضع النبي وأصحابه قاموا إلى الصلوة يصلون معا ، وهي صلوة الظهر ، وأرادوا الفتك بهم فلم يمكن الله تعالى منه للرعب الذي قذف في قلوبهم ، وهم بنو النضير ، فبلغ الخبر إلى رسول الله عليهالسلام فحاصرهم وفتح حصونهم وأجلاهم إلى الشام (٤) ، فقال تعالى اذكروا نعمة الله عليكم ورحمته بكم واشكروه عليها (إِذْ هَمَّ قَوْمٌ) أي قصدوا (أَنْ يَبْسُطُوا) أي يمدوا (إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ) بالقتل (فَكَفَّ) أي فمنع (أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ) أي عن قتالكم (وَاتَّقُوا اللهَ) أي اخشوه في كل حال بالوفاء على ما أمركم به وتوكلوا عليه (وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) [١١] لينصرهم على أعدائهم.
(وَلَقَدْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَبَعَثْنا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً وَقالَ اللهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ
__________________
(١) اذكروا ، ب س : ـ م.
(٢) ثواب المطيع وعقاب العاصي ، س : ثواب المطيعين وعقاب العاصي ، ب ، ثواب المطيعين وعقاب العاصين ، م.
(٣) والقرآن ، ب س : ـ م.
(٤) لعل المفسر اختصره من السمرقندي ، ١ / ٤٢١.