سورة الحج
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
١ ، ٢ ـ (يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ (١) يَوْمَ تَرَوْنَها تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذاتِ حَمْلٍ حَمْلَها وَتَرَى النَّاسَ سُكارى وَما هُمْ بِسُكارى وَلكِنَّ عَذابَ اللهِ شَدِيدٌ (٢))
[الحج : ١ ، ٢]
سبق أن تحدثنا عن الساعة ، وقلنا إنها ساعة صغرى وساعة كبرى ، والصغرى خاصة بأصحاب الكشف الذين تزلزل أبدانهم كما دك جبل موسى لما تجلى ربه له ، فيخرون صعقين وما هم صعقون ، فالكشف معنوي يرى المكاشف بانكشاف بصيرته كيف أن الناس مثل الحوامل يحملون ويضعون ، وما يحملونه الأمانة الإلهية من معلومات الأسماء ، وما يضعونه تلك المعلومات وقد أخرجت ما في بطنانها من كنوز.
ومع هذا فلقد وصفت العملية بالذهول والسكر ... ذلك لأن المكاشف حين يكاشف تنسل نفسه منه كما انسلخت حية البسطامي من جلدها فإذا نفسه التي كانت له وتحاوره لم تعد له بل هي الروح الفاعل نفسه وقد جعل يحاور القلب ليقلبه لاستخراج معادنه.
وانكشاف الكلي من بطنان الجزيئات هو سبب السكر الذي يأخذ كل من سلك الطريق العظيمة والصعبة في آن واحد ، قال الإمام الدسوقي : أه ، ما أحلى هذه الطريق ، ما أسناها ، ما أمرها ، ما أقتلها ، ما أجلاها ، ما أحياها ، ما أصعبها ، ما أكبدها ، ما أكثر مصايدها ، ما أصعب مواردها ، ما أعجب واردها ، ما أعمق بحرها ، وما أكثر أسدها ، ما أكثر مددها ، ما أكثر عقاربها.
٣ ، ٤ ـ (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطانٍ مَرِيدٍ (٣) كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلاَّهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلى عَذابِ السَّعِيرِ (٤))
[الحج : ٣ ، ٤]
قال تعالى : (وَلا جِدالَ فِي الْحَجِ) [البقرة : ١٩٧] ، والحج الهجرة إلى الله والطريق إلى زلزلة الساعة ، وينهى النبي عليه الصلاة والسّلام عن التفكير في ذات الله ، وجادلت المعتزلة أصحاب الكلام في صفات الله ، وجادلت أصحاب الكلام أصحاب المذاهب الفقهية والصوفية في الصفات أيضا ، فهل هي الله أم غيره؟ وهل هي موجودة حقا ، أو هي موجودة معنى لا مبنى وكيف توجد؟ ووصفت العملية كلها في الآية بأنها اتباع شيطان مريد ، لأن من لا كشف له لا علم له في الله ، وهو بالتالي لا يستطيع الجدال فيه ، فالعلم للراسخين في