في الفقه، قال فصنفت لهم تعليقة.
قلت وتعليقته لم يحقق فيها بيان الصحة والطعن في المردود وذكر فيها أقيسة طردية، ورأيت من يلقي الدرس من أصحابنا يفزع إلى تعليقة الاصطلام أو تعليقة أسعد أو تعليقة العاملي أو تعليقة الشريف، ويستعير منها استعارات، فصنفت لهم تعاليق: منها كتاب «الإنصاف في مسائل الخلاف» ومنها «جنة النظر وجنة الفطر» ومنها «عمدة الدلائل في مشهور المسائل».
ثم رأيت جمع أحاديث التعليق التي يحتج بها أهل المذاهب وبينت تصحيح الصحيح وطعن المطعون فيه، وعملت كتابا في المذهب أدخلتها فيه وسميته «البازي الأشهب المنقض على مخالفي المذهب».
وصنفت في الفروع: كتاب «المذهّب في المذهب» وكتاب «مسبوك الذهب» وكتاب «البلغة» وفي أصول الدين كتاب «منهاج الوصول إلى علم الأصول»، وقد بلغت مصنفاتي مائتي مصنف وخمسين مصنفا.
ورأيت من أصحابنا من تكلم في الأصول بما لا يصلح، وانتدب للتصنيف ثلاثة: أبو عبد اللّه بن حامد (١) وصاحبه القاضي «أبو يعلى» (٢) ، وابن الزاغوني (٣) فصنفوا كتبا شانوا بها المذهب، ورأيتهم قد نزلوا إلى مرتبة العوام فحملوا الصفات على مقتضى الحس، فسمعوا أن اللّه سبحانه وتعالى خلق آدم عليه الصلاة والسلام على صورته فأثبتوا له صورة ووجها زائدا على الذات، وعينين، وفما، ولهوات، وأضراسا، وأضواء، لوجهه هي السبحات، ويدين، وأصابع، وكفا، وخنصرا، وإبهاما، وصدرا، وفخذا، وساقين، ورجلين، وقالوا: ما سمعنا بذكر الرأس.
وقالوا يجوز أن يمس ويمس ويدني العبد من ذاته، وقال بعضهم: ويتنفس، ثم إنهم يرضون العوام بقولهم (لا كما يعقل).
وقد أخذوا بالظاهر في الأسماء والصفات فسموها بالصفات تسمية مبتدعة لا دليل لهم
__________________
(١) هو شيخ الحنابلة أبو عبد اللّه الحسن بن حامد بن علي البغدادي الوراق المتوفى سنة ثلاث وأربعمائة، كان من أكبر مصنفيهم، له شرح أصول الدين، فيه طامات سيورد المصنف بعضها، ولديه تخرج القاضي أبو يعلى الحنبلي. (ز).
(٢) هو القاضي أبو يعلى محمد بن الحسين بن محمد بن خلف بن الفراء الحنبلي المتوفى سنة ثمان وخمسين وأربعمائة، وفيه يقول أبو محمد التميمي ما معناه: لقد شان أبو يعلى الحنابلة شينا لا يغسله ماء البحار، على ما نقله ابن الأثير وأبو الفداء، وعزا في طبقاته إلى الإمام أحمد ما يبعد أن يصح عنه كل البعد، ونقل ابن بدران الدشتي في جزء إثبات الحد عن كتب الأصول لأبي يعلى هذا ما هو أفظع مما سينقله المصنف عنه في التشبيه، على تضارب في أقواله بين تنزيه وتشبيه، ولا يخفى على الناظر أن غير الحافظ أبي يعلى أحمد بن علي الموصلي صاحب المسند وراوي كتب أبي يوسف عن بشر بن الوليد. (ز).
(٣) هو أبو الحسن علي بن عبيد اللّه بن نصر الزاغوني الحنبلي المتوفى سنة سبع وعشرين وخمسمائة، وهو من مشايخ المصنف، وله في كتاب الإيضاح من غرائب التشبيه ما يحار فيه النبيه. (ز).