الثاني : ورد بالنسبة إلى بعض أساميه سبحانه أنه لا يعلم ظاهرها ولا باطنها ولا تفسيرها ولا تأويلها إلا الله سبحانه ، كما في دعاء السمات ، وقد يظهر من بعض الروايات أن القرآن كذلك كما ذكر في قصة بلوهر مع يوذاسف.
وهنا سؤالان :
السؤال الأول : أنه ما معنى ذلك؟
والجواب : أن فهم كل ظواهر الأشياء وبواطنها كذلك ، فإن البشر لا يعلم إلا بعض السطحيات ، مثلا ما هي حقيقة اللحم والدم؟ وما هي حقيقة الماء والكهرباء؟ وإلى غير ذلك ، فإذا رأى الإنسان سيارة لا يعلم ما هي؟ فإنه لا يعلم هل هي حديد أو نحاس «ظاهرها» ولا يعلم ماذا في ماكنتها «باطنها» ولا يعلم ما نفعها «تفسيرها» ولا يعلم إلى أي شيء يكون أولها «تأويلها» وكذلك القرآن لا يعرف المراد الكامل من ظاهره ولا من باطنه ، كما لا يعرف الفائدة الكاملة منه حالا ولا أول القرآن للمستمسك به والتارك له.
السؤال الثاني : إذا كان لا يعلم ظاهرها ولا باطنها ولا تفسيرها ولا تأويلها فما فائدة ذلك؟
والجواب : الإشارة والتلميح وإن كانت الحقيقة مخفية ، مثلا أنك إذا سمعت من إنسان ما لاقاه من الأهوال في حرب ضروس ، وأراك بعض التصاوير التي التقطها من تلك الحرب ، فإن الكلام والصورة لا شك يلمحان إلى حقيقة ، لكن هل تدرك بذلك هول تلك الحرب وانفعالات أولئك المحاربين؟ إن نسبة ما نفهم من القرآن إلى حقيقته ، كنسبة الصور والكلام إلى حقيقة تلك الحرب ، وللحرب «ظاهر» هي المعركة و «باطن» هي الاستعمار الذي يريد التسلط مثلا ، و «تفسير» هو ما تنتجه الحرب الآن من