وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ وَلا تَكُنْ مِنَ الْغافِلِينَ (٢٠٥) إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ
____________________________________
الله تعالى ، فإن ذلك أقرب إلى الإجابة (وَ) اذكره سبحانه (دُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ) فإن الكلام المتوسط خير ، وهذا لا ينافي استحباب الإجهار لدواعي أخر ، كما نزل جبرئيل على الرسول ، وقال : «يأمرك ربك بالعج والثج» (١) في باب التلبية وما ورد من أن الصلوات المجهر بها تذهب بالنفاق ، وما دل على الإتيان بالصلوات الثلاث جهرية ، إلى غير ذلك ، والقول بأن الله لا يحتاج إلى الإجهار تعليل تافه ، فإنه ينقض بأن الله لا يحتاج إلى الكلام ، فليكتف المستشكل بحديث النفس في قراءته ودعائه وأذكاره؟ (بِالْغُدُوِّ) أي الصباح (وَالْآصالِ) جمع «أصل» ، وأصل جمع «أصيل» ، فهو جمع الجمع ، ومعناه «العشيات» ، وهو ما بين العصر إلى غروب الشمس ، وهذا كناية عن دوام الذكر ، والتفريق بين «الغدو والآصال» بالإفراد والجمع ، تفنن بلاغي لا يخفى لطفه.
(وَلا تَكُنْ) يا رسول الله ، أو المراد العموم ، والمقصد العموم على أي حال ، وإنما الكلام في مرجع الضمير (مِنَ الْغافِلِينَ) الذين يغفلون عن ذكر الله سبحانه. وفي الآية الكريمة روايات كثيرة غالبها من باب بيان المصداق ، فلا تضر بعمومها.
[٢٠٧] ثم بيّن سبحانه أن الملائكة الذين هم أبعد عن النزوات ، وهم دائمو الذكر ، فأجدر بالإنسان أن يكون متذكّرا دائما (إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ)
__________________
(١) راجع بحار الأنوار : ج ٩٦ ص ٢٨٦.