أُولئِكَ يُعْرَضُونَ عَلى رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الْأَشْهادُ هؤُلاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلى رَبِّهِمْ أَلا لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ (١٨) الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَيَبْغُونَها عِوَجاً
____________________________________
ذكر ذلك بمناسبة ما كان المشركون ينسبونه إلى النبي من افترائه القرآن ونسبته إلى الله سبحانه ، ولا يخفى أن عبارة «من أظلم» المستعملة في القرآن كثيرا ، يراد بها الظلم النسبي غالبا ، لا الحقيقي (أُولئِكَ) المفترون على الله (يُعْرَضُونَ عَلى رَبِّهِمْ) يوم القيامة ، أي يستحضرون في المحكمة التي يعقدها الله سبحانه ، إذ لا مكان له تعالى ولا يمكن رؤيته (وَيَقُولُ الْأَشْهادُ) جمع شاهد ، والمراد بهم إما الأنبياء أو الملائكة أو المؤمنون (هؤُلاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلى رَبِّهِمْ) ونسبوا إليه ما لم يكن منه ، فلا مجال للإنكار ولا محل للفرار ، ولا يمكن لهم أن يحلفوا كما يحلف المشركون ، قائلين : (وَاللهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ) (١) ، (أَلا) فلينتبه السامع (لَعْنَةُ اللهِ) طرده وعذابه (عَلَى الظَّالِمِينَ) الذين يظلمون أنفسهم وغيرهم بالافتراء على الله سبحانه ، وهذا إما تتمة كلام الأشهاد ، أو ابتداء كلام.
[٢٠] ثم وصف سبحانه الظالمين ، بقوله : (الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ) أي يمنعون الناس عن الاهتداء وسلوك سبيل الله ، فيغرونهم بإلقاء الشّبه عليهم ، وإثارة شكهم وكفرهم وعصيانهم بترك أوامره ونواهيه (وَيَبْغُونَها) أي يريدون أن تكون السبيل (عِوَجاً) زيغا عن الاستقامة وعدولا عن الصواب ، هذا لو رجع الضمير إلى «السبيل» ـ وهي مؤنث
__________________
(١) الأنعام : ٢٤.