بَلْ بَدا لَهُمْ ما كانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ (٢٨) وَقالُوا إِنْ هِيَ إِلاَّ حَياتُنَا الدُّنْيا وَما نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ (٢٩) وَلَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا
____________________________________
والتقدير : «يا ليت لنا انتفاء التكذيب ، والكون من المؤمنين».
[٢٩] (بَلْ بَدا لَهُمْ) أي ظهر لهؤلاء الكفار الحق جليا بحيث لا مجال لإخفائهم له (ما كانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ) في دار الدنيا حيث كانوا يعرفونه كما يعرفون أبناءهم. ولعل وجه الإضراب ب «بل» بيان أنه ليس الأمر على ما قالوه من أنهم : لو ردّوا إلى الدنيا لآمنوا ، فإن التمني الواقع منهم يوم القيامة ليس لأجل كونهم راغبين في الإيمان ، بل لأجل خوفهم من العقاب الذي يعاينوه (وَلَوْ رُدُّوا) إلى الدنيا كما تمنوا (لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ) أي لرجعوا إلى كفرهم وعصيانهم (وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ) في أنهم لو ردّوا لعملوا صالحا كما في آية أخرى : (رَبِّ ارْجِعُونِ* لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ) (١) ، ولا يخفى أن الإنسان إذا كان ذا طبع عنادي لا ينفك عن طبيعته حتى ولو رأى المشاهد العظيمة من عناده كما هو المشاهد المجرّب.
[٣٠] وقد كان هؤلاء الكفار ينكرون المعاد وهم في دار الدنيا (وَقالُوا إِنْ هِيَ) أي ما هي (إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا) أي الحياة القريبة التي نحن فيها وليس ورائها شيء (وَما نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ) بعد الموت. و «البعث» هو الإرسال والإحياء.
[٣١] (وَلَوْ تَرى) يا رسول الله أحوال هؤلاء الكفار يوم القيامة (إِذْ وُقِفُوا
__________________
(١) سورة المؤمنون : ١٠٠ و ١٠١.