وَلَقَدْ راوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ ما آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُوناً مِنَ الصَّاغِرِينَ (٣٢) قالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ
____________________________________
به : (وَلَقَدْ راوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ) أي طلبت نفس يوسف (فَاسْتَعْصَمَ) أي لاذ بالعصمة والامتناع (وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ) بعد ذلك (ما آمُرُهُ) من الفعل (لَيُسْجَنَنَ) أي ليحبس في السجن ، فإني أكيد به حتى أوقعه في السجن (وَلَيَكُوناً مِنَ الصَّاغِرِينَ) الصاغر هو الذليل ، من الصفات ، أي لأذله حتى يكون ذليلا.
[٣٤] ولما رأى يوسف عليهالسلام إصرارها على الخطيئة به اختار السجن لنفسه الشريفة عن الآثام ، وليخلص من التذبذب والاتهام ، ف (قالَ) : يا (رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ) من الفاحشة ، وفي الإتيان بلفظ «يدعونني» دلالة على أن تلك النسوة أيضا طمعن فيه.
وقد روي عن الإمام السجاد عليهالسلام : «أن النسوة لما خرجن من عندها أرسلت كل واحدة منهن إليه سرا من صاحبته تسأله الزيارة لها» (١).
ولا يخفى أن «أحب» هنا مجرد عن معنى التفضيل ، كما هو القاعدة في أمثاله كقوله : (هُوَ خَيْرٌ ثَواباً) (٢) ، و ((أَحْسَنُ تَأْوِيلاً) (٣) ، (وَإِلَّا تَصْرِفْ) يا رب (عَنِّي كَيْدَهُنَ) بالعصمة والحفظ (أَصْبُ إِلَيْهِنَ) يقال : «صبا يصبو» ، إذا مال نحو الشهوة الجنسية ، من
__________________
(١) راجع بحار الأنوار : ج ١٢ ص ٢٧٥.
(٢) الكهف : ٤٥.
(٣) النساء : ٦٠.