وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيانِ قالَ أَحَدُهُما إِنِّي أَرانِي أَعْصِرُ خَمْراً وَقالَ الْآخَرُ إِنِّي أَرانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزاً تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَراكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (٣٦)
____________________________________
وإن كانت امرأة العزيز أحبتني حبستني (١).
وروي عن الصادق عليهالسلام : أن يوسف بكى على يعقوب حتى تأذى منه أهل السجن فقالوا له : إما أن تبكي الليل وتسكن بالنهار وإما أن تبكي بالنهار وتسكن بالليل على واحد منهما (٢).
(وَدَخَلَ مَعَهُ) مع يوسف (السِّجْنَ فَتَيانِ) شابان ، وكانا عبدين للملك أحدهما خبازه والآخر صاحب شرابه. وفي ذات يوم جاءا إلى يوسف يبيّنان له رؤيا رأياها ـ بزعمهما ـ ف (قالَ أَحَدُهُما) وهو صاحب الشراب : (إِنِّي أَرانِي) أرى نفسي في المنام (أَعْصِرُ خَمْراً) أي أعصر العنب لصنعه خمرا ، فقد سمي العنب بذلك بعلاقة الأول ، كما يقال : «فلان يطبخ الدبس» وإنما يطبخ التمر ليكون دبسا (وَقالَ الْآخَرُ) وهو خباز الملك : (إِنِّي أَرانِي) أرى نفسي في المنام (أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزاً تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ) من ذلك الخبز.
ثم قال الفتيان ليوسف : (نَبِّئْنا) أخبرنا (بِتَأْوِيلِهِ) ما يؤول إليه منامنا (إِنَّا نَراكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) الذي يحسن إلى الناس. ومن المعلوم إن الإنسان المحسن يتوسّم فيه الخير في كل شيء حتى في تأويل الرؤيا وتعبير المنام ، أو المراد تحسن تعبير الرؤيا.
قال الصادق عليهالسلام : لما أمر الملك بحبس يوسف في السجن
__________________
(١) بحار الأنوار : ج ١٢ ص ٢٤٧.
(٢) إرشاد القلوب : ج ١ ص ٩٥.